الاثنين، ٢٦ محرم ١٤٢٩ هـ

عدوك وصديقك



{قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللّهِ حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ }الأنعام31
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ضرب مثلا للدنيا ولابن آدم عند الموت : كمثل رجل له ثلاثة أخلاء فلما حضره الموت قال لأحدهم : قد كنت لي خلا مؤثرا مكرما وقد حضرني من أمر الله
ما ترى فماذا عندك ؟ فيقول هذا أمر الله غلبني عليك لا أستطيع أن أنفس كربتك ولكن هاأنا ذا بين يديك فخذ مني زادا ينفعك . ثم يقول للثاني : قد كنت عندي آثر الثلاثة وقد نزل بي من أمر الله
ما ترى فماذا عندك ؟. قال : هذا أمر الله غلبني عليك ولا أستطيع أن أنفس كربتك ولكن سأقوم عليك في مرضك فإذا مت أتقنت غسلك وجودت كسوتك وسترت جسمك وعورتك . وقال للثالث :
قد نزل بي من أمر الله ما ترى وكنت أهون الثلاثة علي فماذا عندك قال : إني قرينك وحليفك في الدنيا والآخرة فأدخل معك قبرك حين تدخله وأخرج منه حين تخرج ولا أفارقك أبدا .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ألأول ماله والثاني أهله والثالث عمله .
قلت : وهذا الثالث هو أوفى الأصحاب الثلاثة الصديق المخلص الذي لا يفارقك إن كنت في خير أو في شر أما قادك إلى الجنة أو دفعك إلى النار وفي الحديث :
قال البراء خرجنا مع رسول الله في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر و لم يلحد فجلس رسول الله و جلسنا حوله كأنما على رؤوسنا الطير فجعل يرفع بصره ينظر إلى السماء ويخفض بصره وينظر إلى الأرض ثم قال أعوذ بالله من عذاب القبر قالها مرارا ثم قال إن العبد المؤمن إذا كان في قبل من الآخرة و انقطاع من الدنيا جاءه ملك فجلس عند رأسه فيقول أخرجي أيتها النفس المطمئنة إلى مغفرة من الله و رضوان فتخرج نفسه فتسيل كما يسيل قطر السماء قال عمرو في حديثه لم يقله أبو عوانة و إن كنتم ترون غير ذلك و تنزل ملائكة من الجنة بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس معهم أكفان من أكفان الجنة و حنوط من حنوطها فيجلسون منه مد البصر فإذا قبضها لم يدعوها في يده طرفة عين فذلك قوله توفته رسلنا وهم لا يفرطون قال فتخرج نفسه كأطيب ريح وجدت فتعرج به الملائكة فلا يأتون على جند فيما بين السماء و الأرض إلا قالوا ما هذه الروح فيقال فلان بأحسن أسمائه حتى ينتهوا إلى أبواب سماء الدنيا فيفتح له و تشيعه من كل سماء مقربوها حتى ينتهي به إلى السماء السابعة فيقال اكتبوا كتابه في عليين ثم يقال ردوه إلى الأرض فإني وعدتهم أني منها خلقتهم و فيها نعيدهم و منها نخرجهم تارة أخرى قال فيرد إلى الأرض و تعاد روحه في جسده و يأتيه ملكان شديدا الانتهار فينتهرانه و يجلسانه فيقولان من .
ربك و ما دينك فيقول ربي الله و ديني الإسلام فيقولان ما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول هو رسول الله فيقولان وما يدريك فيقول جاءنا بالبينات من ربنا فآمنت به و صدقته قال و ذلك قوله يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا و في الآخرة ثم قال و ينادي مناد من السماء أن قد صدق عبدي فألبسوه من الجنة و افرشوه منها و أروه منزله فيها فيلبس من الجنة ويفرش منها و يرى منزله فيها و يفسح له مد بصره و يمثل له في عمله في صورة رجل حسن الوجه طيب الريح حسن الثياب فيقول أبشر بما أعد الله لك أبشر برضوان من الله و جنات فيها نعيم مقيم فيقول بشرك الله بخير من أنت فوجهك الوجه الذي جاءنا بالخير فيقول هذا يومك الذي كنت توعد أنا عملك الصالح فو الله ما علمتك إلا كنت سريعا في طاعة الله بطيئا في معصيته فجزأك الله خيرا فيقول يا رب أقم الساعة كي أرجع إلى أهلي و مالي قال و إن كان كافرا فاجرا و كان في قبل الآخرة و انقطاع من الدنيا جاءه ملك فجلس عند رأسه فقال أخرجي أيتها النفس الخبيثة أبشري بسخط الله و غضبه فتنزل ملائكة سود الوجوه معهم مسوح فإذا قبضها الملك قاموا فلم يدعوها في يده طرفة عين قال فتفرق في جسده فيستخرجها تقطع معها العروق و العصب كالسفود الكثير الشعب في الصوف المبلول فتؤخذ من الملك فتخرج كأنتن ريح وجدت فلا تمر على جند فيما بين السماء و الأرض إلا قالوا ما هذه الروح الخبيثة فيقولون هذا فلان بأسوأ أسمائه حتى ينتهوا به إلى السماء الدنيا فلا يفتح له فيقول ردوه إلى الأرض إني وعدتهم أني منها خلقتهم وفيها نعيدهم و منها نخرجهم تارة أخرى قال فيرمى من السماء فتلا هذه الآية و من يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق قال فيعاد إلى الأرض و تعاد فيه روحه و يأتيه ملكان شديدا الانتهار فينتهرانه و يجلسانه فيقولان
فما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم فلا يهتدي لأسمه و يقال محمد فيقول لا أدري سمعت الناس يقولون ذلك فيقال لا دريت فيضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه و يتمثل له عمله في صورة رجل قبيح الوجه منتن الريح قبيح الثياب فيقول أبشر بعذاب الله وسخطه فيقول من أنت فوجهك الوجه الذي جاءنا بالشر فيقول أنا عملك الخبيث و الله ما علمتك إلا كنت بطيئا في طاعة الله سريعا في معصيته قال عمرو في حديثه عن منهال عن زاذان عن البراء عن النبي فيقيض له أصم أبكم معه مرزبة ولو ضرب بها فيل صار ترابا أو قال رميما فيضربه ضربة تسمعها الخلائق إلا الثقلين ثم تعاد فيه الروح فيضربه ضربة أخرى هذا حديث كبير صحيح الإسناد رواه جماعة من الأئمة الثقات عن الأعمش و أخرجه أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني في كتاب السنن ،
أيه المسلمون وغير المسلمين أعلموا إن هذا أمر واقع لا محالة والمغرور من تجاهل هذا ثم بين عشية وضحاها إذا هو بين يدي هذان الملكان الذين لا يعرفون للمجاملة طريقا
ولن يفلت منهما أحد ولا تنسى يبن آدم حينما يقال لك {يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ } أعد للسؤال جوابا قبل أن تقول {حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ } وأنت حين إذا تطلب المستحيل ولن يتحقق طلبك وإنما تسمع من يقول {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ }{ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ }{ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ }لماذا {إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ } اللهم ياي يا قيوم ثبتنا بالقول الثابت في الدنيا والآخرة وأمتنا أنت راض عنا . آمين ،،



قال الله تعالى {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ }فاطر6 وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم المخلص،(أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك ) وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : العداوة تتوارث . وقال زياد بن عبدا لله :
فلـو بـليت بهاشـمي ــــــــــــــــ خؤولته بنـو عبد المدان

صبرت على عداوته ولكن ـــــ تعالوا فا نظروا بمن ابتليت
وقيل لكسرى: أي الناس أحب إليك أن يكون عاقلا . قال: عدوي . قيل وكيف ذلك؟ قال لأنه إذا كان عاقلا كنت منه في عافيه وأمن . وقال أبو العتاهية :
تنح عن القبيح ولا ترده ـــــــ ومن أوليته حسنا فزده
ستلقى من عدوك كل كيد ـــــ إذا كاد العدو ولم تكـده
قيل قديما: عدوك ثلاثة وصديقك
ثلاثة . فعدوك هو عدوك وعدو صديقك وصديق عدوك . وصديقك ثلاثة : صديقك هو صديقك وصديق صديقك وعدو عدوك. ،،

ليست هناك تعليقات: