الخميس، ١ ذو القعدة ١٤٢٩ هـ

ذم الدنيــا

ذم الدنيا
{إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }يونس24
إنما مثل الحياة الدنيا وما تتفاخرون به فيها من زينة وأموال, كمثل مطر أنزلناه من السماء إلى الأرض, فنبتت به أنواع من النبات مختلط بعضها ببعض مما يقتات به الناس من الثمار, وما تأكله الحيوانات من النبات, حتى إذا ظهر حُسْنُ هذه الأرض وبهاؤها, وظن أهل هذه الأرض أنهم قادرون على حصادها والانتفاع بها, جاءها أمرنا وقضاؤنا بهلاك ما عليها من النبات, والزينة إما ليلا وإما نهارًا, فجعلنا هذه النباتات والأشجار محصودة مقطوعة لا شيء فيها, كأن لم تكن تلك الزروع والنباتات قائمة قبل ذلك على وجه الأرض, فكذلك يأتي الفناء على ما تتباهَون به من دنياكم وزخارفها فيفنيها الله ويهلكها. وكما بيَّنا لكم -أيها الناس- مَثَلَ هذه الدنيا وعرَّفناكم بحقيقتها, نبيِّن حججنا وأدلتنا لقوم يتفكرون في آيات الله, ويتدبرون ما ينفعهم في الدنيا والآخرة.التفسير الميسر

1 - عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : حب الدنيا رأس كل خطيئة
2- و أخبرنا المستورد الفهري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : والله ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه في اليم فلينظر ما يرجع إليه

3- عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : من أحب دنياه أضر بآخرته ومن أحب آخرته أضر بدنياه فآثروا ما يبقى على ما يفنى :
4- وعن مالك بن مغول قال : قال ابن مسعود : الدنيا دار من لا دار له ومال من لا مال له ولها يجمع من لا عقل له

5- حدثني محمد بن الحارث المقري حدثنا سيار أخبرنا جعفر أخبرنا أبو عمران الجوني قال : مر سليمان بن داود في موكبه والطير تظله والجن والإنس عن يمينه وعن يساره قال : فمر بعابد من عباد بني إسرائيل فقال : يا ابن داود لقد آتاك الله ملكا عظيما قال : فسمع سليمان كلمته فقال : لتسبيحة في صحيفة مؤمن خير مما أعطي ابن داود فما أعطي لابن داود يذهب والتسبيحة تبقى
6- وعن مالك بن دينار قال : قالوا : لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه : يا أبا الحسن صف لنا الدنيا ؟ قال : أطيل أم أقصر ؟ قالوا : بل أقصر قال : حلالها حساب وحرامها النار
7- عن شيخ من بني عدي قال : قال رجل لعلي بن أبي طالب : يا أمير المؤمنين صف لنا الدنيا ؟ قال : وما أصف لك من دار من صح فيها أمن ومن سقم فيها ندم ومن افتقر فيها حزن ومن استغنى فيها فتن من حلالها حساب ومن حرامها النار
8- عن أبي سفيان عن الحسن البصري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون إن بني إسرائيل لما بسطت لهم الدنيا ومهدت تباهوا في الحلية والطيب والنساء والثياب
9- سمعت أبا زكريا المنتوف يحدث القواريري قال : ذكرت الدنيا عند الحسن البصري فقال :
( أحلام نوم أو كظل زائل ... إن اللبيب بمثلها لا يخدع )
10 عن ليث : أن عيسى ابن مريم رأى الدنيا في صورة عجوز هتماء عليها من كل زينة فقال لها : كم تزوجت ؟ قالت : لا أحصيهم قال : كلهم مات عنك أو كلهم طلقك ؟ قالت : بل كلهم قتلت قال : فقال عيسى عليه السلام : بؤسا لأزواجك الباقين ألا يعتبرون بأزواجك الماضين كيف تهلكينهم واحدا واحدا ولا يكونون منك على حذر

11- عن أبي العلاء قال : رأيت في النوم عجوزا كبيرة متغضنة الجلد ينظرون إليها فجئت فنظرت فعجبت من نظرهم إليها وإقبالهم عليها فقلت لها : ويلك من أنت ؟ قالت : أو ما تعرفني ؟ قلت : لا ما أدري من أنت ؟ قالت : فإني أنا الدنيا قال : قلت : أعوذ بالله من شرك قالت : فإن أحببت أن تعاذ من شري فابغض الدرهم
12- حدثني يحيى بن أبي بكير العبدي أخبرنا بعض العلماء قال : قال عيسى بن مريم عليه السلام : يا معشر الحواريين إني قد كببت لكم الدنيا على وجهها فلا تنعشوها بعدي فإن من خبث الدنيا أن الله عصي فيها وإن من خبث الدنيا أن الآخرة لا تدرك إلا بتركها ألا فاعبروا الدنيا ولا تعمروها
13- حدثني سريج بن يونس أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا هشام قال : سمعت الحسن يقول : والله ما أحد من الناس بسط له الدنيا فلم يخف أن يكون قد مكر به فيها إلا كان قد نقص عقله وعجز رأيه وما أمسك الله عن عبد الدنيا فلم يظن أنه قد خير له فيها إلا كان قد نقص عقله وعجز رأيه
14- سمعت بلال بن سعد يقول : والله لكفى به ذنبا أن الله عز و جل يزهدنا في الدنيا ونحن نرغب فيها فزاهدكم راغب ومجتهدكم مقصر وعالمكم جاهل
15- حدثنا بشر بن عمر الزهراني أخبرنا عبد الواحد بن صفوان قال : كنا مع الحسن في جنازة فقال : رحم الله أمراء عمل لمثل هذا اليوم إنكم اليوم تقدرون على ما لا يقدر عليه إخوانكم هؤلاء من أهل القبور فاغتنموا الصحة والفراغ قبل يوم الفزع والحساب
معناه لا تقعدوا على الدنيا
16- حدثني عثمان بن أبي شيبة أخبرنا معاوية بن هشام قال : سمعت سفيان الثوري يقول : كان يقال : إنما سميت الدنيا لأنها دنية وإنما سمي المال لأنه يميل بأهله
17- عن أبي سعيد قال : صلى بنا رسول الله صلى لله عليه وسلم العصر ثم قام فخطبنا فقال في خطبته : ألا إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون ألا فاتقوا الدنيا واتقوا النساء
18- عن الحسن أن النبي صلى الله عليه و سلم مر على دور من دور الجاهلية فرأى سخلة منبوذة خداج ما عليها شعر فقال : أترون هذه هانت على أهلها ؟ قالوا : من هوانها ألقوها قال : فو الذي نفسي بيده للدنيا أهون على الله عز و جل من هذه على أهلها
19- عن وهب بن منبه قال : بينما ركب يسيرون إذ هتف بهم هاتف : ( ألا إنما الدنيا مقيل للرائح ... قضى وطرا من حاجة ثم هجرا )
( ألا لا ولا يدري علام قدومه ... ألا كلما قدمت تلفى مؤخرا
20- عن جابر بن عون ألأسدي قال : أول كلام تكلم به سليمان بن عبد الملك أن قال : الحمد لله الذي ما شاء صنع وما شاء رفع وما شاء وضع ومن شاء أعطى ومن شاء منع إن الدنيا دار غرور ومنزل باطل وزينة تتقلب تضحك باكيا وتبكي ضاحكا وتخيف آمنا وتؤمن خائفا وتفقر مثريها وتثري فقيرها ميالة لاعبة بأهلها يا عباد الله اتخذوا كتاب الله إماما وارضوا به واجعلوه لكم قائدا فإنه ناسخ لما قبله ولن ينسخه كتاب بعده اعلموا عباد الله إن هذا القرآن يجلو كيد الشيطان وضغائنه كما يجلو ضوء الصبح إذا تنفس إدبار الليل إذا عسعس
21- أخبرنا مالك بن مغول عن سهل أبي الأسد قال : كان يقال : مثل الذي يريد أن يجمع له الآخرة والدنيا مثل عبد له ربان لا يدري أيهما رضي
22- عن عبد الله بن دينار عن الحسن أنه كان يقول : من أحب الدنيا وسرته ذهب خوف الآخرة من قلبه وما من عبد يزداد علما ويزداد على الدنيا حرصا إلا ازداد إلى الله عز و جل بغضا وازداد من الله بعدا
23- أخبرنا ابن لهيعة أخبرنا شعيب بن أبي سعيد : أن رجلا قال : يا رسول الله كيف لي أن أعلم كيف أنا ؟ قال : إذا رأيت كلما طلبت شيئا من أمر الآخرة وابتغيته يسر لك وإذا أردت شيئا من أمر الدنيا وابتغيته عسر عليك فأنت على حال حسنة وإذا كنت على خلاف ذلك فإنك على حال قبيحة
24- أنشدني أحمد بن موسى الثقفي :
( جهول ليس تنهاه النواهي ... ولا تلقاه إلا وهو ساهي )
( يسر بيومه لعبا ولهوا ... ولا يدري وفي غده الدواهي )
( مررت بقصره فرأيت فيه ... عجيبا فيه من زجر وناهي )
( بدا فوق السرير فقلت من ذا ... فقالوا ذلك الملك المباهي )
( رأيت الباب سود والجواري ... ينحن وهن يكسرن الملاهي )
( تبين أي دار أنت فيها ... ولا تسكن إليها وآذر ما هي )
25- حدثنا إسحاق بن إسماعيل أخبرنا جرير عن ليث قال : صحب رجل عيسى بن مريم فقال : أكون معك وأصحبك قال : فانطلقا فانتهيا إلى شط نهر فجلسا يتغديان ومعهما ثلاثة أرغفة فأكلا رغيفين وبقي رغيف فقام عيسى إلى النهر فشرب ثم رجع فلم يجد الرغيف فقال للرجل : من أخذ الرغيف ؟ قال : لا أدري
قال : فانظلق معه صاحبه فرأى ظبية معها خشفان قال : فدعا أحدهما فأتاه فذبحه فاشتوى منه فأكل هو وذاك ثم قال للخشف : قم بإذن الله فقام فذهب فقال للرجل : أسألك بالذي أراك هذه الآية من أخذ الرغيف ؟ قال : ما أدري
قال : : ثم انتهيا إلى وادي فأخذ عيسى بيد الرجل فمشيا على الماء فلما جاوزا قال : أسالك بالذي أراك هذه الآية من أخذ الرغيف ؟ قال : لا أدري
قال : فانتهيا إلى مفازة فجلسا فأخذ عيسى فجمع ترابا أو كثيبا ثم قال : كن ذهبا بإذن الله فصار ذهبا فقسمه ثلاث أثلاث فقال : ثلث لي وثلث لك وثلث لمن أخذ الرغيف فقال : أنا أخذت الرغيف قال : فكله لك
قال : وفارقه عيسى فانتهى إليه رجلان في المفازة ومعه المال فأراردا أن يأخذا منه ويقتلاه فقال : هو بيننا أثلاثا قال : فابعثوا أحدكم إلى القرية حتى يشتري طعاما قال : فبعثوا أحدهم قال : فقال الذي بعث : لأي شيء أقاسمهما هذا المال ولكني أضع في هذا الطعام سما فأقتلهما قال : ففعل وقال ذانك : لأي شيء نجعل لهذا ثلث المال ولكن : إذا رجع إلينا قتلناه واقتسمناه بيننا قال : فلما رجع إليهما قتلاه وأكلا الطعام فماتا قال : فبقي ذلك المال في المفازة وأولئك الثلاثة قتلى عنده وفي غير حديث إسحاق بن إسماعيل : قال : فمر بهم عيسى على تلك الحال فقال : هذه الدنيا فاحذروها . أعبروها ولا تعمروها .
26- حدثنا إسحاق بن إسماعيل حدثنا روح بن عبادة أخبرنا هشام بن حسان عن الحسن قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لأصحابه : إنما مثلي ومثلكم ومثل الدنيا كمثل قوم سلكوا مفازة غبراء حتى إذا لم يدروا ما سلكوا منها أكثر أو ما بقي أنفذوا الزاد وحسروا الظهر وبقوا بين ظهراني المفازة لا زاد ولا حمولة فأيقنوا بالهلكة فبينما هم كذلك إذ خرج عليهم رجل في حلة يقطر رأسه فقالوا : إن هذا قريب عهد بريف وما جاءهم هذا إلا من قريب قال : فلما انتهى إليهم قال : يا هؤلاء قالوا : يا هذا قال : علام أنتم ؟ قالوا : على ما ترى قال : أرأيتم إن هديتكم إلى ماء روي ورياض خضر ما تعملون ؟ قالوا : لا نعصيك شيئا قال : عهودكم ومواثيقكم بالله قال : فأعطوه عهودهم ومواثيقهم بالله لا يعصونه شيئا قال : فأوردهم ماء ورياضا خضرا قال : فمكث فيهم ما شاء الله ثم قال : يا هؤلاء قالوا : يا هذا قال : الرحيل قالوا : إلى أين ؟ قال : إلى ما ليس كمائكم وإلى رياض ليس كرياضكم قال : فقال جل القوم وهم أكثرهم : والله ما وجدنا هذا حتى ظننا أن لن نجده وما نصنع بعيش خير من هذا قال : وقالت طائفة وهم أقلهم : ألم تعطوا هذا الرجل عهودكم ومواثيقكم بالله لا تعصونه شيئا وقد صدقكم في أول حديثه فو الله ليصدقكم في آخره ؟
قال : فراح فيمن اتبعه وتخلف بقيتهم فنزل بهم عدو فأصبحوا ما بين أسير وقتيل
27- عن وهب بن منبه قال : قال عيسى : بحق أقول لكم كما ينظر المريض إلى طيب الطعام فلا يلتذ به من شدة الوجع كذلك صاحب الدنيا لا يلتذ العبادة ولا يجد حلاوتها مع ما يجد من حب الدنيا وبحق أقول لكم إن الدابة إذا لم تركب وتمتهن تصعبت وتغير خلقها كذلك القلوب إذا لم ترقق بذكر الموت وتنصبها دأب العبادة تقسو وتغلظ بحق أقول لكم إن الزق ما لم ينخرق أو يقحل فسوف يكون وعاء للعسل وكذلك القلوب ما لم تحرقها الشهوات أو يدنسها الطمع أو يقسيها النعيم فسوف تكون أوعية للحكمة
28- عن سفيان وقال : بلغنا أن لقمان قال لابنه : يا بني إن الدنيا بحر عميق يغرق فيه ناس كثير فلتكن سفينتك فيها تقوى الله وحشوها الإيمان بالله وشراعها التوكل على الله لعلك تنجو وما أراك بناج
29- عبد الله بن المبارك عن رباح بن زيد عن عبد العزيز بن جوران عن وهب بن منبه قال : مثل الدنيا والآخرة كمثل رجل له ضرتان إن أرضى إحداهما أسخط الأخرى
30- عن سيار أبي الحكم قال : الدنيا والآخرة يجتمعان في قلب العبد فأيهما غلب كان الآخر تبعا له
31- حدثني أحمد بن أبي الحواري قال : سمعت أبا سليمان قال :
إذا كانت الآخرة في القلب جاءت الدنيا تزحمها وإذا كانت الدنيا في القلب لم تزحمها الآخرة لأن الآخرة كريمة والدنيا لئيمة
32- حدثنا هارون بن عبد الله أخبرنا جعفر قال : سمعت مالك بن دينار يقول : بقدر ما تحزن للدنيا فكذلك يخرج هم الآخرة من قلبك وبقدر ما تحزن للآخرة فكذلك يخرج هم الدنيا من قلبك
33- حدثنا محمد بن علي بن شقيق أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن الأشعث قال : سمعت الفضيل بن عياض قال : قال ابن عباس :
يؤتى بالدنيا يوم القيامة في صورة عجوز شمطاء زرقاء أنيابها بادية مشوهة خلقها فتشرف على الخلائق فيقال : أتعرفون هذه ؟ فيقولون : نعوذ بالله من معرفة هذه فقال : هذه الدنيا التي تناحرتم عليها بها تقاطعتم الأرحام وبها تحاسدتم وتباغضتم واغتررتم ثم تقذف في جهنم فتنادي أي رب أين أتباعي وأشياعي ؟ فيقول الله عز و جل : ألحقوا بها أتباعها وأشياعها
34- وحدثنا محمد بن علي أخبرنا إبراهيم بن الأشعث قال : سمعت الفضيل قال : بلغني أن رجلا عرج بروحه قال : فإذا بامرأة على قارعة الطريق عليها من كل زينة الحلي والثياب وإذا هي لا يمر بها أحد إلا جرحته وإذا هي أدبرت كانت أحسن شيء رآه الناس وإذا أقبلت كانت أقبح شيء رآه الناس عجوز شمطاء زرقاء عمشاء قال : فقلت : أعوذ بالله منك قالت : لا والله لا يعيذك الله حتى تبغض الدرهم قلت : من أنت ؟ قالت : أما تعرفني ؟ قلت : لا قالت : أنا الدنيا

35- حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي أخبرنا ثابت بن يزيد أخبرنا هلال بن خباب عن عكرمة عن ابن عباس قال : دخل عمر بن الخطاب على النبي صلى الله عليه و سلم وهو على حصير قد أثر في جنبه فقال يا رسول الله لو اتخذت فراشا أوثر من هذا ؟ فقال : ما لي وللدنيا وما للدنيا وما لي والذي نفسي بيده ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار ثم راح وتركها

36- حدثنا عيسى بن عبد الله التميمي ، أخبرني فهير بن زياد ألأسدي ، عن موسى بن وردان ، عن الكلبي ، وليس بصاحب التفسير ، عن الحسن ، عن أنس بن مالك ، قال : « كان رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يكنى أبا معلق ، وكان تاجرا يتجر بماله ولغيره يضرب به في الآفاق وكان يزن بسداد وورع فخرج مرة فلقيه لص مقنع في السلاح فقال له : ضع ما معك فإني قاتلك قال : ما تريد إلى دمي ؟ شأنك بالمال فقال : أما المال فلي ولست أريد إلا دمك قال : أما إذا أبيت (1) فذرني أصلي أربع ركعات قال : صل ما بدا لك قال : فتوضأ ثم صلى أربع ركعات فكان من دعائه في آخر سجدة أن قال : يا ودود ، يا ذا العرش المجيد ، يا فعال لما يريد ، أسألك بعزك الذي لا يرام وملكك الذي لا يضام وبنورك الذي ملأ أركان عرشك أن تكفيني شر هذا اللص ، يا مغيث ، أغثني ، يا مغيث ، أغثني ، ثلاث مرارا قال : دعا بها ثلاث مرات فإذا هو بفارس قد أقبل بيده حربة (2) واضعها بين أذني فرسه فلما بصر به اللص أقبل نحوه فطعنه فقتله ثم أقبل إليه فقال : قم قال : من أنت بأبي أنت وأمي ؟ فقد أغاثني الله بك اليوم قال : أنا ملك من أهل السماء الرابعة دعوت بدعائك الأول فسمعت لأبواب السماء قعقعة ثم دعوت بدعائك الثاني فسمعت لأهل السماء ضجة ثم دعوت بدعائك الثالث فقيل لي : دعاء مكروب فسألت الله تعالى أن يوليني قتله » قال أنس : فاعلم أنه من توضأ وصلى أربع ركعات ودعا بهذا الدعاء استجيب له مكروبا كان أو غير مكروب
{أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ }النمل62
عبادة ما تشركون بالله خير أم الذي يجيب المكروب إذا دعاه, ويكشف السوء النازل به, ويجعلكم خلفاء لمن سبقكم في الأرض؟ أمعبود مع الله ينعم عليكم هذه النعم؟ قليلا ما تذكرون وتعتبرون, فلذلك أشركتم بالله غيره في عبادته.
قلت :
أنظروا إلى حكمة هذا ارجل حينما داهمه الخطر إلى من لجاء ويف تصرف وهو لاحول له ولاطول أمام هذا اطاغية الجبار المتكل على قوته وجبروته الغافل عن الله وقدرته وجبروته اذي يقول للشيء كن فيكون . هذا العابد الواثق من رب اعالمين دعا بهذه الدعوات التي ألهمه الله إياها فما ذكنت النتيجة كانت النتيجة كما ورد في سياق القصة أن أهلك الله ذلك الطاغية على يدذلك الملك المرسل من رب العالمين وأجاب دعائه في حال الظرورة .
ذات يوم كان الرسول صلى الله عليه وسلم يركب بغلته, ويُردف خلفه ابن عمهعبد الله بن عباس, وكان ابن عباس صبياً صغيراً لا يجاوز عشر سنوات.فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم:يا غلام. إني أعلمك كلمات, احفظ الله يحفظك, احفظ الله تجده تجاهك,إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله,واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء, لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك,ولو اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك. رفعت الأقلام وجفت الصحف. يامغيث أغثنا يامغيث أغثنا يامغيث أغثنا ..،،،