الثلاثاء، ١٩ صفر ١٤٢٩ هـ

عبقريـــة فتا ة

كنت قرأت في جريدة المدينة موضوع أعجبت به كثيرا وهو إن أحد الشباب طلب من أحد الأسر تزويجه ابنتهم ورحب به أهل الفتات وتمت الموافقة المبدئية ثم حضر الشاب وأهله وبعض معارفه إلى بيت ولى الخطوبة وتبادلوا التحايا ودارة القهوة والمرطبات مع تجاذب أطراف الحديث من كل شخص ولم يبقى إلا النظرة الشرعية من الخطيب لخطيبته والعكس . إلا أن الفتاة كانت على قدر كبير من الذكاء وفى نفس الوقت كانت متعلمة : فأرادت أن تعرف عن فارس أحلامها بعض توجهاته وميوله إذ أنه غريب عنها ولا تستطيع تعرف عنه الكثير . فأرسلت أخا لها صغيرا وطلبت منه أن يحضر لها هاتف خطيبها فاحضره في الحال . ثم أنها تفحصت الهاتف الجوال وما يحوي في ذاكرته فوجدت مناظر مخزيه وعبارات مخجلة . ثم أنها سلمت الهاتف لأخيها ليسلمه لصاحبه ، وطلبت مقابلة أباها وأبدت له عدم رغبتها الاقتران بذالك الشاب وأصرت على ذالك وأوضحت له ماكشفه المخباء{الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ }النور26 وعلى والد الفتاة أن يختار لها الزوج الكفء الذي يتحلى الأخلاق وذا دين وشرف سمت فإن عاشرها بمعروف وإن سرحها بإحسان قال الغزالي في إلا حياء والاحتياط في حقها أهم لأنها رقيقة بالنكاح لا مخلص لها والزوج قادر على الطلاق بكل حال ومهما زوج ابنته ظالما أو فاسقا أو مبتدع أو شارب خمر فقد جنى على دينه وتعرض لسخط الله لما قطع من الرحم وسوء الاختيار وقال رجل للحسن بن على إن لي بنتا فمن ترى أن أزوجها له ؟ قال : زوجها ممن يتقي الله ، فإن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يضلمها ، وقال ابن تيمية : ومن كان مصرا على الفسوق لا ينبغي أن يزوج وهذه حياة زوجيه ليست لأيام معدودة وإنما حياه مرتبطة بشخصين لابد من تجانس الأفكار والاتجاهات وكما هو (اظفر بذات الدين تربت يداك ) والعكس مطلوب للجانبين ..,,

الثلاثاء، ١٢ صفر ١٤٢٩ هـ

حفظ اللســان


حقيق بالتواضع من يموت ــــــــــ ويكفي المرء من دنياه قوت
فما للمرء يصبح ذاهموم ــــــــــــ وحرص ليس تدركه النعوت
فيا هذا سترحل عن قريب ــــــــــــــــ إلى قوم كلامهـم سكوت
هذا البيت ينسب لأمير المؤمنين/ علي بن أبي طالب رضي الله عنه

الشاعر يشير إلى أصحاب القبور من الأموات ونحن وآباؤنا وأجدادنا هم أولئك سنتواضع شئنا أم أبينا فهو ينصح من كان على قيد الحياة أن يتواضع ويزهد في هذه الحياة وأشار إلى أنه يكفيه القوت الذي يقيم صلبه ويتسأل لماذا الهموم والحرص الذي ليس يدركه المرء بنعوته ويخبر بأن الإنسان سيرحل إلى قوم سكوت ويعنى بذلك الأموات . أعاننا الله على الموت وما بعدة..وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من كان يؤمن با لله وبا ليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ) متفق عليه. قال الشافعي رحمه الله في الأم إذا أراد أحدكم الكلام فعليه أن يكر في لامه فإن ظهرت المصلحة تكلم ، وإن شك لم يتكلم حتى تظهر وعن أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه قال: قلت يا رسول الله أي المسلمين أفضل ؟ قال : ( من سلم الناس من لسانه ويده) متفق عليه وعن عقبة بن عامر رض الله عنه قال : قلت يا رسول الله ما النجاة قال: ( أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وأبك على خطيئتك ) رواه الترمذي يقال إن قس بن ساعده وأكثم بن صيفي اجتمعا فقال : احدهما لصاحبه . كم وجدت في أبن آدم من العيوب . فقال : هي أكثر من أن تحصر . وقد وجدت خصلة إن استعملها الإنسان سترت العيوب كلها قال: وماهي قال: (حفظ اللسان ) قال الإمام الشافعي لصاحبه الربيع : ياربيع لا تتكلم فيما لا يعنيك فإنك إذا تكلمت بالكلمة ملكتك لم تملكها وقال آخر : مثل اللسان مثل السبع إن لم توثقه عدا عليك ولحقك شره ، ومما ورد من مخاطر اللسان قول الشاعر:
أحفظ لسانك أيـه الإنسـان ـــــــــــــــــــــ لا يلدغنك إنه ثعبــان
كم في المقابر من قتيل لسانه ــــــ كانت تهاب لقاءه الشجعان
وقال آخر :
أحفظ لسـانك لأتقل فتبتلى ــــــــــــــ إن البلاء موكل بالمنطق
قالوا : لإياس بن معاوية رحمه الله ما فيك عيب إلا كثرة الكلام . فقال : لهم : أتسمعون منى خيرا أم شرا . فقالوا: بل نسمع خيرا : فقال فالزيادة من الخير خير: قلت : هذا الكلام جميل جدا إذ إن الكلام إذا كان خيرا فهو لا يودى إلا إلى خير أما كثرة الكلام والثرثرة الذي يتداوله كثير من الناس اليوم ويرددونه في مجالسهم فهو مما يعود عليهم وبالا وحسرة يوم القيامة فكلامك حي والسكوت سلامة وهو محسوب عليك أولك فأحسب حساب. الكلمة قبل النطق بها تكن مسددا في الحياة وسالما يوم القيامة من تبعاتها {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18 وفقنا الله وإياك لكل خير وثبتنا جميعا بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة

السبت، ٩ صفر ١٤٢٩ هـ

القـرآن الكريم


هو: كتاب الله عز وجل فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم ’ هو الجد وليس بالهزل ’ من تركه من جبار قصمه الله ’ ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله ’ وهو حبل الله المتين , وهو الذكر الحكيم . وهو الصراط المستقيم , هو الذي لا تزيغ به الأهواء , ولا تلتبس به الألسن, ولا يشبع منه العلماء ولا يخلق على كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا: { إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَبا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً }الجن21من قال به صدق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم . ولقد وصفه حكيم العرب وسفير قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم ( أبو الوليد) بعد أن عاد إلى قومه بوجه غير الذي ذهب به قال: لقد سمعت منه كلاما ليس من كلام الجن ولامن كلام الإنس , والله إن له لحلاوة ,وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر, وإن أسفله لمغدق , وإنه يعلو لايعلى عليه: الله الخالق وماسواه مخلوق إلا القرآن فإنه كلام الله تعالى منه خرج وإليه يعود:
القرآن هذا الكتاب الخاتم الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فا الله سبحانه انزله وتعهد بحفظه قال تعالى{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر9 حفظه من التبديل أوالتحريف أو النقصان ومن الاطمئنان على حفظه إن الذي تعهد بحفظه هو الذي خلق السماوات والارضون وما بينهما وليس أحد خارج عن إرادته أو قهره وجبروته. وفضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على سائر خلقه وقراءته أفضل ما تحرك به اللسان( اجر قرأته) قال: صلى الله عليه وسلم (من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنه والحسنه بعشر أمثالها، رواه الترمذي ( أجر تعليمه) قال صلى الله عليه وسلم : خيركم من تعلم القرآن وعلمه، رواه البخاري (تعلم القرآن وحفظه وتجويد قرأته) ، قال رسول الله صلى الله عليه سلم : (مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة ، ومثل الذي يقرأ القرآن وهو يتعاهده وهو عليه شاق. فله أجران ) متفق عليه، وقال: صلى الله عليه وسلم :( يقال لصاحب القرآن اقرأ ورتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرأها : يقال إن عدد آى القرآن بعدد درج الجنة
( ثواب من علم ولده القرآن) قال صلى الله عليه وسلم من قرأ القرآن وتعلمه وعمل به البس والداه يوم القيامة تأجا من نور ضوؤه مثل ضوء الشمس ، ويكسي والداه حلتين لايقوم لهما الدنيا، فيقولان بما كسينا هذه؟ فيقال: بأخذ ولدكما القرآن) ـ الحاكم :
( شفاعة القرآن لصاحبه) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه ) مسلم ـ وقال أيضا: ( يؤتي يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين يعملون به، تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن صاحبهما ) مسلم ـ وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: القرآن شافع مشفع ، وما حل مصدق من جعله أمامه قاده إلى الجنة ، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار _ قال حديث صحيح:
( الأمر بتعهد القرآن) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تعاهدوا القرآن ، فوالذي نفس محمد بيده، لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها ) متفق عليه وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه. وقال: ايضا: ( إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها ، وإن أطلقها ذهبت) متفق عليه
( رفع شأن المسلمين بالقرآن ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين)
مسلم _ وأعلم بارك الله فيك إن القرآن له نور ونار فمن أبى من نوره فالنار أولى به وينبغي للقارئ أن يراعي الأدب مع القرآن بأن يستحضر في نفسه أن يناجي الله تعالى ، وأن يكون على طهارة في مكان نظيف ، وإن ينظف فاه بالسواك إذا أراد القراءة وأن يستقبل القبلة وأن يجلس بسكينة ووقار وإذا أراد الشروع بالقراءة استعاذ بالله من الشيطان ويتجنب الضحك واللغط واللعب وشر الدخان وغير وذلك : اللهم ارحمنا بالقرآن وأجعله لنا إما ونور وهدى ورحمه اللهم ذكرنا منه ما نسينا وعلما منه ما جهلنا وارزقنا تلاوته آنا الليل وأطراف النهار وأجعله حجة لنا لأعلينا, اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه آمين,,

الأربعاء، ٢٨ محرم ١٤٢٩ هـ

أويس القرني وعمر وعلى رضي الله عنهم



حج بالناس عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- سنة ثلاث وعشرين، قبيل استشهاده بأيام، وكان شغله الشاغل في حجه البحث عن رجل من رعيته من التابعين يريد مقابلته.وصعد عمر جبل أبا قبيس وأطل على الحجيج، ونادى بأعلى صوته: يا أهل الحجيج من أهل اليمن، أفيكم أويس من مراد؟فقام شيخ طويل اللحية من قرن، فقال: يا أمير المؤمنين، إنك قد أكثرت السؤال عن أويس هذا، وما فينا أحد اسمه أويس إلا ابن أخ لي يقال له: أويس، فأنا عمه، وهو حقير بين أظهرنا، خامل الذكر، وأقل مالا، وأوهن أمرأ من أن يرفع إليك ذكره.فسكت عمر- كأنه لا يريده- ثم قال: يا شيخ وأين ابن أخيك هذا الذي تزعم؟أهو معنا بالحرم؟ قال الشيخ: نعم يا أمير المؤمنين، هو معنا في الحرم، غير أنه في أراك عرفة يرعى إبلا لنا.فركب عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب- رضي الله عنهما- على حمارين لهما، وخرجا من مكة، وأسرعا إلى أراك عرفة، ثم جعلا يتخللان الشجر ويطلبانه، فإذا هما به في طمرين من صوف أبيض، قد صف قدميه يصلي إلى الشجرة وقد رمى ببصره إلى موضع سجوده، وألقى يديه على صدره والإبل حوله ترعى- قال عمر لعلي- رضي الله عنهما-: يا أبا الحسن إن كان في الدنيا أويس القرني فهذا هو، وهذه صفته. ثم نزلا عن حماريهما وشدا بهما إلى أراكه ثم أقبلا يريدانه.فلما سمع أويس حسهما أوجز في صلاته، ثم تشهد وسلم وتقدما إليه فقالا له: السلام عليك ورحمة الله وبركاته. فقال أويس: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فقال عمر- رضي الله عنه-: من الرجل؟ قال: راعي إبل وأجير للقوم، فقال عمر: ليس عن الرعاية أسألك ولا عن الإجارة، إنما أسألك عن اسمك، فمن أنت يرحمك الله؟ فقال: أنا عبد الله وابن أمته، فقالا: قد علمنا أن كل من في السموات والأرض عبيد الله، وإنا لنقسم عليك إلا أخبرتنا باسمك الذي سمتك به أمك، قال: يا هذان ما تريدان إلي؟ أنا أويس بن عبد الله. فقال عمر- رضي الله عنه-: الله أكبر، يجب أن توضح عن شقك الأيسر، قال: وما حاجتكما إلى ذلك ؟ فقال له علي- رضي الله عنه-: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفك لنا، وقد وجدنا الصفة كما خبرنا، غير أنه أعلمنا أن بشقك الأيسر لمعة بيضاء كمقدار الدينار أو الدرهم، ونحن نحب أن ننظر إلى ذلك، فأوضح لهما ذلك عن شقه الأيسر.فلما نظر علي وعمر- رضي الله عنهما- إلى اللمعة البيضاء ابتدروا أيهما يقبل قبل صاحبه، وقالا: يا أويس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نقرئك منه السلام، وأمرنا أن نسألك أن تستغفر لنا، فإن رأيت أن تستغفر لنا- يرحمك الله- فقد خبرنا بأنك سيد التابعين، وأنك تشفع يوم القيامة في عدد ربيعة ومضر. فبكى أويس بكاء شديدا، ثم قال: عسى أن يكون ذلك غيري، فقال علي- رضي الله عنه-: إتا قد تيقنا أنك هو، لا شك في ذلك، فادع الله لنا رحمك الله بدعوة وأنت محسن. فقال أويس: ما أخص باستغفار نفسي، ولا أحد من ولد آدم، ولكنه في البر والبحر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات في ظلم الليل وضياء النهار، ولكن من أنتما يرحمكما الله؟ فإني قد خبرتكما وشهرت لكما أمري، ولم أحب أن يعلم بمكاني أحد من الناس، فقال علي- رضي الله عنه-: أما هذا فأمير المؤمنين عمر بن الخطاب- رضي الله عنه-، وأما أنا فعلي بن أبي طالب، فوثب أويس فرحا مستبشرأ فعانقهما وسلم عليهما ورحب بهما، وقال:جزاكما الله عن هذه الأمة خيرا. قالا: وأنت جزاك الله عن نفسك خيرا. ثم قال أويس: ومثلي يستغفر لأمثالكما؟ فقالا: نعم، إنا قد احتجنا إلى ذلك منك، فخصنا- رحمك الله- منك بدعوة حتى نؤمن على دعائك، فرفع أويس! رأسه، وقال!:اللهم إن هذين يذكران أنهما يحباني فيك، وقد رأوني فاغفر لهما وأدخلهما في شفاعة نبيهما محمد صلى الله عليه وسلم.فقال عمر- رضي الله عنه- مكانك- رحمك الله- حتى أدخل مكة فأتيك بنفقة من عطائي، وفضل كسوة من ثيابي، فإني أراك رث الحال، هذا المكان الميعاد بيني وبينك غدا. فقال: يا أمير المؤمنين، لا ميعاد بيني وبينك، ولا أعرفك بعد اليوم ولا تعرفني. ما أصنع بالنفقة؟ وما أصنع بالكسوة؟ أما ترى عليَّ إزارأ من صوف ورداً من صوف؟ متى أراني أخلِفهما؟ أما ترى نعليَّ مخصوفتين، متى تُراني أبليهما؟ ومعي أربعة دراهم أخذت من رعايتي متى تُراني آكلها؟يا أمير المؤمنين: إن بين يدي عقبة لا يقطعها إلا كل مخف مهزول، فأخف- يرحمك الله- يا أبا حفص، إن الدنيا غرارة غدارة، زائلة فانية، فمن أمسى وهمته فيها اليوم مد عنقه إلى غد، ومن مد عنقه إلى غد أعلق قلبه بالجمعة، ومن أعلق قلبه بالجمعة لم ييأس من الشهر، ويوشك أن يطلب السنة، وأجله أقرب إليه من أمله، ومن رفض هذه الدنيا أدرك ما يريد غدأ من مجاورة الجبار، وجرت من تحت منازله الثمار.فلما سمع عمر- رضي الله عنه- كلامه ضرب بدرته الأرض، ثم نادى بأعلى صوته: ألا ليت عمر لم تلده أمه، ليتها عاقر لم تعالج حملها. ألا من يأخذها بما فيها ولها؟فقال أويس: يا أمير المؤمنين! خذ أنت ها هنا حتى آخذ أنا ها هنا. ومضى أويس يسوق الإبل بين يديه، وعمر وعلي- رضي الله عنهما- ينظران إليه حتى غاب فلم يروه، وولى عمر وعلي- رضي الله عنهما- نحو مكة وحديث فضل أويس القرني، وأنه لو أقسم على الله لأبره، وقوله صلى الله عليه وسلم لعمر-رضي الله عنه- : ( إن استطعت أن يستغفر لك فافعل ) ثابت في صحيح مسلم وغيره
( التعليق )
حج امير المؤمنين بالناس اميرا وقائدا للأمة فلم يشغله ذلك عن تفقد فردا من رعيته لايعرفه احد سوى عشيرته وذلك الشيخ الذي هو عمه وأجيره يرعى له ماشيته : ثم ينادي أمير المؤمنين من على جبل قبيس بأعلى صوته في أهل الحج عمن يعرف شخص يدعى (أويس من مراد) ؟ ثم يقوم عمه ويجيب أمير المؤمنين بأن قد اكثرت السؤال عن شخص بهذا الاسم، ويصفه بالخمول والحقارة وليس له مالا وأقل من أن يرفع اليك امره ، فيسأله امير المؤمنين عن مكان ابن اخيه : فيخبره أنه في أراك عرفة يرعى إبلا لنا، ثم يركب هو وعلى بن أبي طالب حمارين ويخرجا من مكة مسرعين ويتخللا الشجر فإذهو في طمرين من صوف قدصف قدميه يصلي وبصره إلى موضع سجوده ، فعرفه عمروقبلا إليه فسمع بهما أويسا فأوجز في صلاته وسلم وتقدما إليه وسلما عليه فرد عيهما فسأله عمرعمن هو؟ فأجاب بانه راعي ابل وأجير للقوم ، فقال له عمر ليس عن هذا أسألك وإنما أسألك عن اسمك ؟ فيجيبهما بأنه عبدالله وإبن أمته فيقسم عليه عمرإلا اخبرهما عن إسمه فيسألهما ماتريدان إلي؟
أنا(أويس بن عبدالله) فكبر عمر، وقال يجب أن توضح عن شقك الأيسر وسألهما عن حاجتهما إلى ذلك؟ فيجيبه على بن ابي طالب . إن رسول الله صلى الله عليه وسلم: وصفه لهم، بأن به لمعة بيضاء كمقدار الدرهم ويريدان التأكد وحينما كشف عن تلك اللمعة البيضاء ابتدراه يقبلانه وأخبراه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم امرهما بأن يقراءه منه السلام وأن تستغفر لنا ، يرحمك الله وقد أخبرنا بأنك سيد التابعين ، فبكى أويس بكاء شديد فيسألهما عمن هما بعد أن استغفر للمؤمنين والمؤمنات في البر والبحر وفي ظلم اليل وضياء النهار فيخبره على رضى الله عنه بأسميهما ثم يدعو لهما ويدعوان له ثم يقول أويس: ومثلي يستغفر لأمثاكما فقالا:نعم إنا قد احتجنا إلى ذلك منك فخصنا بدعوة منك فيدعو لهما ويخصهما بدعوة وهما المبشرين بالجنة وهما الشهدين المقتولين غدرا :ثم إن عمر يعده بكسوة ونفقة بعد أن رأى ماهو عليه من الثياب البالية ، فاعتذر إلى عمروأخبره بأن ماعنده يكفيه وأن عنده رداء واإزار ونعل مخصوفه واربعبة دراهم أجرته على رعى الابل واخبره إن أمامه عقبه لايقطعها إلا كل مخف مهزول، وطلب من عمر التخفيف على نفسه وأخبره بأن الدنيا غراره وغداره زائلة فانية وملم يعلق قلبه بها أدرك مايريدغدأ وجرت من حت منازله الثمار فلما سمع عمر ذلك ضرب بدرته الارض ونادى بأعلى صوته: بأنه لم يكن خلق كما طلب من أمير امؤمنين ألا يتقابلا ولايتعارفا بعد ذلك اليوم وأن يسك عمر وعلى طريقا ويسلك هو الأخرى ثم ساق ابله بين يديه ..،
اين نحن من امثال هذا الانموذج النادر من نوعه إني اشهد الله على حبه رجاء أن يجمعنا الله مع من أحببناه فيه.. كما وعد بذلك وهو لايخلف اميعاد, وإن هذه القصة تستحق وقفات كثيرة ولو اعطيتها حقا لأستغرق ذلك مني الوقت الكثير, ولكني اختصرت على مافتح الله من رؤس الاقلآم لكما ترى قارئي الكريم ومعذرة في التقصير,,,

المرؤة

أعلم إن المرؤة دالة على كرم الأعراق باعثة على مكارم الاخلاق وهى مراعاة الأحوال التي يكون الإنسان على أفضلها . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من عامل الناس فلم يظلمهم وحدثهم فلم يكذبهم ووعدهم فلم يخلفهم فهو ممن كملت مرؤته وظهرت عدالته ووجبت أخوته ) وقال : لادين ألا بمرؤة : وقال: المرؤة في الإسلام استحياء المرء من الله أولا ثم من نفسه آخرا _ قال ابن سلام : حد المروءة رعى مساعي البر ورفع دواعي الضر والطهارة من جميع الأدناس والتخلص من عوارض الالتباس حتى لا يتعلق بحاملها لوم ولا يلحق به ذم . ومامن شيء يحمل على صلاح الدين والدنيا ويبعث على شرف الممات والمحيا إلا وهو داخل تحت المروءة . قيل لبعض الحكماء ما المروءة قال: طهارة البدن والفعل الحسن
وقال بعضهم : من سلك المروءة سبيلا . أصاب إلى كل خير دليلا .. وسئل بعضهم : أي الحلال اجمع للخير وابعد من الشر واحمد للعقبى ؟ فقال: الجنوح إلى التقوى والتحيز إلى فئة المروءة . وقال بعض العرفين : اتق مصارع الدنيا بالتمسك بحبل المروءة واتقي مصارع الآخرة بالتعلق بحبل التقوى تفز بخيري الدار وتحل ارفع المنزلتين .. وقال
آخر:إذا طلب رجلان امرأ ظفر به أعظمهم مروءة .. ،، وقال الو شاء : اعلم أن المروءة هي عماد الأدباء وعتاد العقلاء ، يرأس بها صاحبها ويشرف بها كاسبها . ولاشيء أزين للمرء من المروة ، فهي رأس الظرف والفتوة . وقد قال بعض الحكماء: الأدب يحتاج معه إلى المروة ، والمروة لا يحتاج معها إلى الأدب . وربما رأيت ذا المروة الخامل ، وذا السخاء الجاهل قد غطت مروته على عيوبه ،وستره سخاؤه من معيبه وأهل المروات محسودة على أدب ، وراغبا أفعالهم ، متبعة أحوالهم ، وقلما رأيت حاسدا في أرب قال الشاعر:
عادوا مروتنا فضلل سعيهم
ولكل بيت مروة أعداء
لسنا إذا عد الفخار كمعشر
أزرى بفعل أبيهم ألأبناء

الثلاثاء، ٢٧ محرم ١٤٢٩ هـ

( الاخــوة الزائفـة )


فأنت آخي مالـم تكن لي حــاجة .....فإن عرضت أيقـنت إن لاأخالي
فـلا زاد ما بيني وبيـنك بعــد ما
.....بلوتك في الحـــاجات إلا تمــاديا
فلست براء عـــيب ذي الود كـله .....وبعـــض ما فيه إذا كنت راضيا
كلانا غني عـن أخــيه حياتـــــه
.....ونحن إذا متنا اشــــد تغانيــــــــا
عيون الرضى عن كل عيب كليلة ....ولكن عيون السخط تبدي المساويا
التعليق:
قلت يقصد الشاعر في هذا البيت إن المرء إذا مات فهو مستغن عن أخيه ومشغول بنفسه في يوم القيامة يوم الحسرة والندامة يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت وقد قيل قديما إنما أخوك من واساك بنشب لا من واساك بنسب و قيل لبعض الإعراب مات أبوك قال: ملكت رشدي قيل له ماتت أمك قال انجلى همي قيل ماتت أختك قال سترت عورتي قيل مات أخوك قال انقصم ظهري من هناء يظهر لك قاري العزيز مقدار ومكانة ألأخ عند العرب أما اليوم فالمحبة بين الإخوة شبه مفقودة وما سببها إلا إعجاب كل بنفسه وازدرائه لأخيه وقد قال الشاعر قديما :

أخوك أخوك إنمالاخاله ......كساع ألي الهيجا بغير سلاح


وقال آخر:
وليس أخي من ودني بلسانه .....ولكن أخي من ودني وهو غائب
ومن ماله مالي إذا كنت معدما .......ومالي له إن أعوزته النوائب
وقال أبو تمام:
من لي بإنسان إذا أغضبته ..........وجهلت كان الحلم رد جوابه
وإذا صبوت إلى المدام شربت....... من أخلاقه وسكرت من آدابه
وتراه يصغي للحديث بطرفه ..............وبقلبه ولعله أدرى بـــه
وقد قيل لخالد بن صفوان، أي أخوانك أحب إليك . قال الذي يسد خلتي ، ويغفر زلتي ، ويقيل عثرتي . وقيل من ليؤاخي إلا من لأعيب فيه قل صديقه ، ومن لم رض من صديقه إلا بإثاره على نفسه دام سخطه ومن عاتب على كل ذنب ، ضاع عتبه وكثر تعبه قال الشاعر:
ومن لم يغمض عينه عن صديقه........وعن بعض ما فيه يمت وهو عاتب
وفال آخر:
إذا كنت في كل الأمور معاتبا ..............صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه
وان أنت لم تشرب مرارا على الأذى ....ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه
وقالوا أعجب الأشياء ود من يهودي ، وحفظ من نصراني، ورياضة من دهري وكرم من أعجمي ، واحذر من الكريم إذا أهنته ، واللئيم إذا أكرمته ، والعاقل إذا أحرجته ، والأحمق إذا مازحته ، والفاجر إذا عاشرته.

فانظر معي يارعاك الله إلى مقدار حق الإخوة في القدم ثم أتي متمم مكارم الأخلاق صلى الله عليه وسلم بأروع مثال علي معنى الاخوه الحقيقية حينما آخى بين المهاجرين والأنصار فكان الأنصاري لايرى لنفسه في ماله وزوجاته حق مادام آخوه المهاجر فقير ومعدم وكان الأنصاري يخير أخاه المهاجر في مشاطرته ماله وزوجه وهذا دليل آخر على ذلك قال ابن القيم : ثم آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والانصار في دار أس بن مالك وكانوا تسعين رجلا نصفهم من المهاجين ونصفهم من الانصار آخى بينهم على المواساة ، ويتوارثون بعد الموت دون ذوي الارحام ، وإلى حين وقعت بدر فلما انزل الله عزشأنه {وَالَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَـئِكَ مِنكُمْ وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }الأنفال 75رد التوارث دون عقد الاخوه 2989 (خ م ) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : « لمَّا قَدِمَ المهاجرون من مكة إلى المدينة ، قَدِمُوا وليس بأيديهم شيء ، وكانت الأنصار أهلَ الأَرض والعقار ، فقاسمهم الأنصار على أَن أعطوْهم أَنصاف ثمار أموالهم كلَّ عام ، ويَكْفُونَهم العملَ والمؤونة ، وكانت أمُّ أَنس بن مالك - وهي تُدْعى أَمَّ سُلَيْم ، وكانت أمَّ عبد الله بن أبي طلحة ، [و] كان أخا لأنس لأمّه - كانت أعطت أمُّ أنس رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- عِذافا لها، فأُعطاها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أمَّ أيمن مَولاته ، أمَّ أسامة بن زيد - فلما فرَغَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- من قتال أهلِ خَيبَرَ وانصرف إلى المدينة رَدَّ المهاجرون إلى الأنصار منائحهم التي كانوا مَنَحُوهم من ثِمارِهم ، قال فردَّ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- إلى أُمِّي عِذَاقَها ، وأَعطى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمَّ أيمن مكانَهُنَّ من حائطه ». وفي رواية « من خالصه».
أما اليوم فإن معيار الرجولة عند الناس ومكانتك الاجتماعية ونصيبك من الرفعة والتقدير فهي بقدر ما تمتلك من المادة فإن كنت كبير سن ودخلت إلى القوم في مجلس فسوف تجلس حيث ينتهي بك المجلس دون أن يكون لقدم سنك أفضلية أو والولية فالمعيار عند البشر اليوم هي المادة وليس سواها وكل عاقل ومنصف سوف يلاحظ صحة مقولتي هذه حينما يخالط اصحاب الاموال والجاه ويكون هو متوسط الحال .. والله المستعان ،،

الاثنين، ٢٦ محرم ١٤٢٩ هـ

عدوك وصديقك



{قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللّهِ حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ }الأنعام31
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ضرب مثلا للدنيا ولابن آدم عند الموت : كمثل رجل له ثلاثة أخلاء فلما حضره الموت قال لأحدهم : قد كنت لي خلا مؤثرا مكرما وقد حضرني من أمر الله
ما ترى فماذا عندك ؟ فيقول هذا أمر الله غلبني عليك لا أستطيع أن أنفس كربتك ولكن هاأنا ذا بين يديك فخذ مني زادا ينفعك . ثم يقول للثاني : قد كنت عندي آثر الثلاثة وقد نزل بي من أمر الله
ما ترى فماذا عندك ؟. قال : هذا أمر الله غلبني عليك ولا أستطيع أن أنفس كربتك ولكن سأقوم عليك في مرضك فإذا مت أتقنت غسلك وجودت كسوتك وسترت جسمك وعورتك . وقال للثالث :
قد نزل بي من أمر الله ما ترى وكنت أهون الثلاثة علي فماذا عندك قال : إني قرينك وحليفك في الدنيا والآخرة فأدخل معك قبرك حين تدخله وأخرج منه حين تخرج ولا أفارقك أبدا .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ألأول ماله والثاني أهله والثالث عمله .
قلت : وهذا الثالث هو أوفى الأصحاب الثلاثة الصديق المخلص الذي لا يفارقك إن كنت في خير أو في شر أما قادك إلى الجنة أو دفعك إلى النار وفي الحديث :
قال البراء خرجنا مع رسول الله في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر و لم يلحد فجلس رسول الله و جلسنا حوله كأنما على رؤوسنا الطير فجعل يرفع بصره ينظر إلى السماء ويخفض بصره وينظر إلى الأرض ثم قال أعوذ بالله من عذاب القبر قالها مرارا ثم قال إن العبد المؤمن إذا كان في قبل من الآخرة و انقطاع من الدنيا جاءه ملك فجلس عند رأسه فيقول أخرجي أيتها النفس المطمئنة إلى مغفرة من الله و رضوان فتخرج نفسه فتسيل كما يسيل قطر السماء قال عمرو في حديثه لم يقله أبو عوانة و إن كنتم ترون غير ذلك و تنزل ملائكة من الجنة بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس معهم أكفان من أكفان الجنة و حنوط من حنوطها فيجلسون منه مد البصر فإذا قبضها لم يدعوها في يده طرفة عين فذلك قوله توفته رسلنا وهم لا يفرطون قال فتخرج نفسه كأطيب ريح وجدت فتعرج به الملائكة فلا يأتون على جند فيما بين السماء و الأرض إلا قالوا ما هذه الروح فيقال فلان بأحسن أسمائه حتى ينتهوا إلى أبواب سماء الدنيا فيفتح له و تشيعه من كل سماء مقربوها حتى ينتهي به إلى السماء السابعة فيقال اكتبوا كتابه في عليين ثم يقال ردوه إلى الأرض فإني وعدتهم أني منها خلقتهم و فيها نعيدهم و منها نخرجهم تارة أخرى قال فيرد إلى الأرض و تعاد روحه في جسده و يأتيه ملكان شديدا الانتهار فينتهرانه و يجلسانه فيقولان من .
ربك و ما دينك فيقول ربي الله و ديني الإسلام فيقولان ما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول هو رسول الله فيقولان وما يدريك فيقول جاءنا بالبينات من ربنا فآمنت به و صدقته قال و ذلك قوله يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا و في الآخرة ثم قال و ينادي مناد من السماء أن قد صدق عبدي فألبسوه من الجنة و افرشوه منها و أروه منزله فيها فيلبس من الجنة ويفرش منها و يرى منزله فيها و يفسح له مد بصره و يمثل له في عمله في صورة رجل حسن الوجه طيب الريح حسن الثياب فيقول أبشر بما أعد الله لك أبشر برضوان من الله و جنات فيها نعيم مقيم فيقول بشرك الله بخير من أنت فوجهك الوجه الذي جاءنا بالخير فيقول هذا يومك الذي كنت توعد أنا عملك الصالح فو الله ما علمتك إلا كنت سريعا في طاعة الله بطيئا في معصيته فجزأك الله خيرا فيقول يا رب أقم الساعة كي أرجع إلى أهلي و مالي قال و إن كان كافرا فاجرا و كان في قبل الآخرة و انقطاع من الدنيا جاءه ملك فجلس عند رأسه فقال أخرجي أيتها النفس الخبيثة أبشري بسخط الله و غضبه فتنزل ملائكة سود الوجوه معهم مسوح فإذا قبضها الملك قاموا فلم يدعوها في يده طرفة عين قال فتفرق في جسده فيستخرجها تقطع معها العروق و العصب كالسفود الكثير الشعب في الصوف المبلول فتؤخذ من الملك فتخرج كأنتن ريح وجدت فلا تمر على جند فيما بين السماء و الأرض إلا قالوا ما هذه الروح الخبيثة فيقولون هذا فلان بأسوأ أسمائه حتى ينتهوا به إلى السماء الدنيا فلا يفتح له فيقول ردوه إلى الأرض إني وعدتهم أني منها خلقتهم وفيها نعيدهم و منها نخرجهم تارة أخرى قال فيرمى من السماء فتلا هذه الآية و من يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق قال فيعاد إلى الأرض و تعاد فيه روحه و يأتيه ملكان شديدا الانتهار فينتهرانه و يجلسانه فيقولان
فما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم فلا يهتدي لأسمه و يقال محمد فيقول لا أدري سمعت الناس يقولون ذلك فيقال لا دريت فيضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه و يتمثل له عمله في صورة رجل قبيح الوجه منتن الريح قبيح الثياب فيقول أبشر بعذاب الله وسخطه فيقول من أنت فوجهك الوجه الذي جاءنا بالشر فيقول أنا عملك الخبيث و الله ما علمتك إلا كنت بطيئا في طاعة الله سريعا في معصيته قال عمرو في حديثه عن منهال عن زاذان عن البراء عن النبي فيقيض له أصم أبكم معه مرزبة ولو ضرب بها فيل صار ترابا أو قال رميما فيضربه ضربة تسمعها الخلائق إلا الثقلين ثم تعاد فيه الروح فيضربه ضربة أخرى هذا حديث كبير صحيح الإسناد رواه جماعة من الأئمة الثقات عن الأعمش و أخرجه أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني في كتاب السنن ،
أيه المسلمون وغير المسلمين أعلموا إن هذا أمر واقع لا محالة والمغرور من تجاهل هذا ثم بين عشية وضحاها إذا هو بين يدي هذان الملكان الذين لا يعرفون للمجاملة طريقا
ولن يفلت منهما أحد ولا تنسى يبن آدم حينما يقال لك {يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ } أعد للسؤال جوابا قبل أن تقول {حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ } وأنت حين إذا تطلب المستحيل ولن يتحقق طلبك وإنما تسمع من يقول {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ }{ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ }{ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ }لماذا {إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ } اللهم ياي يا قيوم ثبتنا بالقول الثابت في الدنيا والآخرة وأمتنا أنت راض عنا . آمين ،،



قال الله تعالى {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ }فاطر6 وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم المخلص،(أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك ) وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : العداوة تتوارث . وقال زياد بن عبدا لله :
فلـو بـليت بهاشـمي ــــــــــــــــ خؤولته بنـو عبد المدان

صبرت على عداوته ولكن ـــــ تعالوا فا نظروا بمن ابتليت
وقيل لكسرى: أي الناس أحب إليك أن يكون عاقلا . قال: عدوي . قيل وكيف ذلك؟ قال لأنه إذا كان عاقلا كنت منه في عافيه وأمن . وقال أبو العتاهية :
تنح عن القبيح ولا ترده ـــــــ ومن أوليته حسنا فزده
ستلقى من عدوك كل كيد ـــــ إذا كاد العدو ولم تكـده
قيل قديما: عدوك ثلاثة وصديقك
ثلاثة . فعدوك هو عدوك وعدو صديقك وصديق عدوك . وصديقك ثلاثة : صديقك هو صديقك وصديق صديقك وعدو عدوك. ،،

طرفـــــــــه


في سنة 1367 هـ تقريبا قام رجل من قرية الهدى التابعة لقبيلة ولد سعدي وتقع غرب قرية عويرة التابعه لمحافظة المندق من منطقة الباحة: ويدعى (بن قدان) بقتل نمر ضخم في حماهم ثم قام بسلخه وابقي رأسه وقوائمه ثابتة في الجلد مع الذيل وأخرج كامل ما بداخله وحشاه من قصب الحنطة والشعير والمسماة عندنا بالرفة وقام بخياطة الجلد وكأنه حي ممتلئ البطن وأحضره إلى السوق ليفاخر به ولينظر الناس إلى ذالك الوحش المهيب ووضعه على ارتفاع فوق احد الدكاكين ثم اجتمع الناس تحته ينظرون إليه ويتأملون تلك الأنياب والمخالب الفتاكة وذلك الجسم الضخم . ثم أخذني الفضول فقمت بأخذ عصا وذهبت من خلف الدكان وتسلقت الحائط بحيث لايرانى أحدا من البشر ثم وضعت تلك العصا في مؤخرة النمر ودفعته بقوة إلى الإمام رغم صغر آن ذاك. فوقع فوق أولئك القوم المتجمهرون وأعينهم شاخصة فئ ذلك الحيوان المخيف فما كان منهم إلا أن تدافعوا هاربين وسقط منهم خلق كثير ووطئوا بعضهم وانكفأت ألإطباق التي كانت تحوى بضائع الباعة واختلطت بالتراب ولم يلاحظني احد من البشر سوى شخص واحد من قرية العامية بالحكم. ويدعى صالح اللخة ذكرني ذلك عندما كنت ضيفا عنده وأبنه سعيد رحمهما الله وبقي يضحك من فعلتي تلك رغم مضي عشرون سنة على مرور تلك الحاثة أي في عام 1386هـ

الأحد، ٢٥ محرم ١٤٢٩ هـ

أئمة ومؤذنون


الامامة هي وظيفة نبينا محمد صلى الله وسلم ومن قبله ابو الانبياء ابراهيم عليه السلام قال الله تعالى {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ }البقرة124 الامامة القدوه والطريقة التي يقتدي بها من بعده والإمامه في وقتنا الحضروفي العرف السائد لدينا: هي تقديم شخص ليصلي بالناس يكون لهم قدوة وللإامة شروط وواجبات ومن شروطها حفظ القرآن وترتيله والاتزام بتطبيق السنة مظهرا ومخبرا والمواظبة على ملازمة المسجد في كل فرض وألايحضر فرضا ويغيب اربعة فالإمامة امانه يجب الوفاء بها فإن الامانه حمل ثقيل كما قال الله تعالى في سورة الاحزاب {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً }الأحزاب72 لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تخلف عن فرض من الفروض الا أن يكون مسافرا او مريضا أما الأئمة فى الوقت الحاضر فانه يحضر فرضا ويتناسا فروضا فهو مادام انه خارج المسجد فإنه يدير ظهره لئلا يكلف على نفسه للقيام بواجبه تجاه ماهو مكلف به والذي الزم نفسه به حينما ذهب الى إدارة الاوقاف يطلب تعيينه إماما : أما المؤذن فانه يحرص على القيام بعمله بكل أمانة وصدق ويمضي الوقت مابين الأذان والإقامه ويبقى المؤذن يتلفت للإمام وإذا لم يجده تراه ينظر الى الحاضرين ويتوسم فيهم المعرفه والقدره على أن يصلي احدهم بالناس ويبقى مثل المتسول يطلب من هذا ويمتنع والآخر حتى يحصل على موافقة احد الحاضرين والإمام لايعلم عما يلاقيه المؤذن من حرج وبعضهم يبقى الشهر والشهرين واللاثة لايأتي إلى المسجد الذي هو معين فيه إلا لصلاة الجمعة فقط .. ولو نقص من مكأفأته شيء لأقام الدنيا ولم يقعدها ..،، أما ما ورد في فضل الأئمة والمؤذنين. فقد اعجبني مانقله الاخ محمد المسحل بقوله:
قال عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المروي عن أبي هريرة‏ قال‏:‏ جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ علمني أو دلني على عمل يدخلني الجنة قال‏:‏ ‏»‏كن مؤذناً‏»‏. قال‏:‏ لا أستطيع. قال‏:‏ ‏»‏كن إماماً‏»‏ قال‏:‏ لا أستطيع. قال‏:‏ ‏»‏فقم بإزاء الإمام‏»‏‏.‏ رواه الطبراني في الأوسط. وعن أنس بن مالك قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏»‏لو أقسمت لبررت، إن أحب عباد الله إلى الله رعاة الشمس والقمر - يعني المؤذنين - وإنهم يُعرفون يوم القيامة بطول أعناقهم‏»‏‏. ‏وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏»‏لو يعلم الناس ما في التأذين لتضاربوا عليه بالسيوف‏»‏‏‏ رواه أحمد. وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ‏»‏الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة، واغفر للمؤذنين‏»‏، قالوا‏:‏ يا رسول الله لقد تركتنا نتنافس في الأذان... إلى آخر الحديث‏»‏‏.‏ رواه البزار ورجاله كلهم موثقون.وهنا، وجب علينا توقير الأئمة والمؤذنين واحترامهم وتقدير تضحيتهم، إذ إنهم سخّروا وقتهم وجهدهم لخدمة بيوت الله ومرتاديها، ولم يحرصوا مثل الكثير من المصلين على التجارة وغيرها من متع الدنيا وملهياتها التي يهرول ويركض وراءها كل من يفرغ من صلاته، ويبقى الإمام والمؤذن منشغلين جل أوقاتهما بحاجات بيت الله والانشغال بكتابه الكريم. فعن بلال أنه قال‏:‏ يا رسول الله إن الناس يتّجرون ويبيعون معايشهم ولا نستطيع أن نفعل ذلك، فقال‏:‏ ‏»‏ألا ترضى أن المؤذنين أطول الناس أعناقاً يوم القيامة‏»‏‏.‏ رواه الطبراني في الكبير والبزار بنحوه، ورجاله موثقون‏.‏ أ ـ هـ
التعليق : كلام جميل وواقعي أقول هذا من تجاربي مع لأذان الذي أمارسه أكثر من عشرين عاما تقريبا فالبعض معجب بك وبأدائك والبعض يقول لولا الراتب لما أذن ونسي هذا الجاهل إن كل إنسان له حق في بيت مال المسلمين حتى ولولم يقم بأي عمل فهذا يسمي الخراج أو الديوان الذي سنه عمر بن الخطاب فيما اذكر ثم إن الإمام والموذن عملهم متواصل طوال السنة في عيد أو جمعة أو حج أو أي مناسبة فعملهم متصل لاينقطع أبدا: ولكن هناك أناس منصبين أنفسهم لمحاسبة الآخرين ولولم يوكل إليهم ذلك فهم مشتغلون بمديح أنفسهم وإظهار محاسنهم ويجدون لهم من يطبل لهم ويذكر محاسنهم وهم يستمعون الى أولئك بنشوة وتعاظم وكان لسان حالهم يطلب من ذلك المداح المزيد فهو يطربه وما علم إن ذلك الإطراء يأكل حسناته وهو لايعلم ثم يأتي يهمز ويلمز في الآخرين وفي الحديث : طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس ونسي أو تناسى قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (أحثوا في وجيه المداحين التراب ):،، فهذه الجائزة التي تليق بهم فجعل جائزتهم مشابهة لتلك الحثوة التي رمى بها صلى الله عليه وسلم في وجيه المشركين في ساحة المعركة يوم بدر يوم الفرقان والتي لم تغادر عينا إلا دخلتها0 ثم اعمى الله بصر وبصيرة المشركين وكان ماكان من نصر الاسلام ولله الحمد والمنة ،