الاثنين، ١ ديسمبر ٢٠٠٨

الحج المبرور

الحج المبرورليس له جزاء إلا الجنة
، والحج لغة القصد . وشرعا : القصد إلى البيت الحرام لأعمال مخصوصة في زمن مخصوص . والحج لايجب إلا مرة واحدة في العمر، ولايجب إلا على القادرين , وفرض الحج سنة تسع للهجرة ولم يحج النبي صلى الله عليه وسلم إلا مرة واحدة بعد أن طهر البيت من آثارالشرك وإزالة الاصنام التي كانت حول البيت : والتي أزيلت يوم فتح مكة المكرمة ف لله الحمد والمنة ،
إليـك إلهي قــد أتيـت ملـبيا ..... فبارك إلهي حجـتي ودعائـيا
قصدتك مضطر وجئتك باكيا ..... وحاشاك ربي أن ترد بكائيا
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، والصلاة والسلام على نبينا القائل :"أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا" رواه مسلم.الحج ركن من أركان الإسلام تهفو إليه القلوب المسلمة وتلبي له الأفئدة المؤمنة الموحدة على اختلاف أجناسها وتعدد ألوانها واختلاف قبائلها وأنسابها وأعرقها قائلة: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك مستجيبة لذلك النداء الذي أذّن به أبونا ابراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة و السلام فجاءت قوافل المؤمنين من كل فج عميق ليطوفوا بالبيت العتيق (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ) (27) الحج

اَلْمَوَاقِيتِ
722- عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا; - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَّتَ لِأَهْلِ اَلْمَدِينَةِ: ذَا الْحُلَيْفَةِ, وَلِأَهْلِ اَلشَّامِ: اَلْجُحْفَةَ, وَلِأَهْلِ نَجْدٍ: قَرْنَ اَلْمَنَازِلِ, وَلِأَهْلِ اَلْيَمَنِ: يَلَمْلَمَ, هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ اَلْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ, وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ, حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ - مُتَّفَقٌ عَلَيْه ِ (2) .
723- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا: - أَنَّ أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَّتَ لِأَهْلِ اَلْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ - رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيّ ُ
ينقسم الحج إلى ثلاثة أنساك كما فصلها العلماء تمتع ، قاران ، وإفراد . مفصلة كما بلى :
أركان الحج :
1 _ الإحرام وهو نية الدخول في النسك .
2 _ الوقوف بعرفة .
3 _ طواف الإفاضة .
4 _ السعي بين الصفا والمروة ومن ترك شيئا من هذه الأكان لم يصح حجه حتى يأتي به .
التمتع:.
1 _ الإحرام من الميقات ويلبي قائلا ( لبيك عمرة متمتعا إلى الحج ).
2 _ طواف القدوم ( العمرة ).
3 _ الســعي .
4 _ تقصير الشعر أو حلقه .
5 _ التحلل من الإحرام والبقاء حلالا إلى يوم التروية الثامن من ذي الحجة
القــران : بكسر القاف
1 _ الإحرام من الميقات ويلبي قائلا ( لبيك عمرة وحجا ) .
2 _ طواف القدوم .
3 _ السعي : ويجوز تأخيره بعد طواف الإفاضة (يبقى المحرم في إحرامه وعليه أن يتجنب محظورات الإحرام إلى يوم التروية) .
الإفراد :
1 _ الإحرام من الميقات ويلبي قائلا ( لبيك حجا ) .
2 _ لايحرم من الميقات ساكنوا مكة والمقيمون فيها ويحرمون بالحج من منازلهم بمكة .
3 _ طواف القدوم .
4 _ السعي : إذا لم يسع المفرد بعد الطواف . أ ذهب إلى منى مباشرة عليه أن يسعى بعد طواف الإفاضة ( الزيارة) ويبقى على إحرامه إلى يوم النحر
مايفعله الحاج يوم 10
1 _ يتوجه إلى منى قبل شروق الشمس .
2 _ يرمي جمرة العقبة بسبع حصيات مكبرا مع كل حصاة .
3 _ ينحر الهدي القارن والمتمتع .
4 _ يحلق الشعر أو يقصر والحلق أفضل
5 _ يتحلل من الإحرام ويلبس الثياب .
6 _ يطوف طواف الإفاضة ويسعى .
مايفعله الحج أيام 11 ، 12 ، 13 من ذي الحجة :
1 _ يبيت في نى .
2 _ يرمي الجمرات الثلاث بعد الزوال مبتدىء من الجمرة الصغرى .
3 _ يجوز له التعجل يوم الثاني عشر . فينفر من منى إلى مكة قبل الغروب ثم يطوف للوداع .
الإحرام وصفته.
: خلاصة في أعمال الحج أعلم رسول الله عليه السلام الناس أنه حاج ، ثم أمر بالخروج للحج فأصاب الناس بالمدينة جدري أو حصبة ، منعت من شاء الله تعالى أن تمنع من الحج معه ، فأعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عمرة في رمضان تعدل حجة ، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عامدا إلى مكة عام حجة الوداع التي لم يحج من المدينة منذ هاجر عليه السلام إليها غيرها ، فأخذ على طريق الشجرة ، وذلك يوم الخميس لست بقين من ذي القعدة سنة عشر نهارا بعد أن ترجل وادهن ، وبعد أن صلى الظهر بالمدينة وصلى العصر من ذلك اليوم بذي الحليفة ، وبات بذي الحليفة ليلة الجمعة ، وطاف تلك الليلة على نسائه ، ثم اغتسل ، ثم صلى الصبح بها ، ثم طيبته عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها بيدها بذريرة وطيب فيه مسك ، ثم أحرم ولم يغسل الطيب ، ثم لبد رأسه وقلد بدنته بنعلين ، وأشعرها في جانبها الأيمن وسلت الدم عنها ، وكانت هدي تطوع ، وكان عليه السلام ، ساق الهدي مع نفسه ثم ركب راحلته ، وأهل حين انبعثت به من عند المسجد ، مسجد ذي الحليفة بالقران بالعمرة والحج معا ، وذلك قبل الظهر بيسير ، وقال للناس بذي الحليفة : « من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة فليفعل ، ومن أراد أن يهل بحج فليفعل ، ومن أراد أن يهل بعمرة فليفعل » . وكان معه عليه السلام من الناس جموع ، لا يحصيها إلا خالقهم ورازقهم عز وجل ، ثم لبى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : « لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك » ، وقد روي أنه عليه السلام زاد على ذلك ، فقال : « لبيك إله الحق » ، وأتاه جبريل صلى الله عليه وسلم ، فأمره أن يأمر أصحابه بأن يرفعوا أصواتهم بالتلبية ، وولدت أسماء بنت عميس الخثعمية زوج أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه ، محمد بن أبي بكر ، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتستثفر بثوب ، وتحرم وتهل ، ثم نهض عليه السلام وصلى الظهر بالبيداء ، ثم تمادى واستهل هلال ذي الحجة ليلة الخميس ، ليلة اليوم الثامن من يوم خروجه من المدينة ، فلما كان بسرف حاضت عائشة رضي الله عنها ، وكانت قد أهلت بعمرة ، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتنقض رأسها وتمتشط وتترك العمرة وتدعها وترفضها ، ولم تحل منها وتدخل على العمرة حجا ، وتعمل جميع أعمال الحج إلا الطواف بالبيت ، ما لم تطهر . وقال عليه السلام وهو بسرف للناس : « من لم يكن منكم معه هدي ، فأحب أن يجعلها عمرة فليفعل ، ومن كان معه هدي فلا » ، فمنهم من جعلها عمرة كما أبيح له ، ومنهم من تمادى على نية الحج ولم يجعلها عمرة ، وهذا فيمن لا هدي معه ، وأما من معه الهدي فلم يجعلها عمرة أصلا وأمر عليه السلام في بعض طريقه ذلك من معه شاء أن يهل بالقران : بالحج والعمرة معا . ثم نهض عليه السلام إلى أن نزل بذي طوى ، فبات بها ليلة الأحد لأربع خلون لذي الحجة ، وصلى الصبح بها ، ودخل مكة نهارا من أعلاها من كداء من الثنية العليا صبيحة يوم الأحد المذكور المؤرخ فاستلم الحجر الأسود ، وطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكعبة سبعا ، رمل ثلاثا منها ومشى أربعا يستلم الحجر الأسود والركن اليماني في كل طوفة ، ولا يمس الركنين الآخرين اللذين في الحجر ، وقال بينهما ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار (1) ) ثم صلى عند مقام إبراهيم عليه السلام ركعتين ، يقرأ فيهما مع أم القرآن قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد جعل المقام بينه وبين الكعبة ، وقرأ عليه السلام إذ أتى المقام قبل أن يركع ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى (2) ) ثم رجع إلى الحجر الأسود فاستلمه ، ثم خرج إلى الصفا والمروة ، فقرأ ( إن الصفا والمروة من شعائر الله (3) ) « أبدأ بما بدأ الله به » ، فطاف بين الصفا والمروة أيضا سبعا راكبا على بعيره ، يخب ثلاثا ويمشي أربعا ، إذا رقي على الصفا استقبل الكعبة ونظر إلى البيت ووحد الله وكبره ، وقال : « لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده » ، ثم يدعو ، ثم يفعل على المروة مثل ذلك ، فلما أكمل عليه السلام الطواف والسعي أمر كل من لا هدي معه بالإحلال حتما ولا بد ؛ قارنا كان أو مفردا ، وأن يحلوا الحل كله ، من وطء النساء والطيب والمخيط ، وأن يبقوا كذلك إلى يوم التروية وهو يوم منى ، فيهلوا حينئذ بالحج ويحرموا حين ذلك عند نهوضهم إلى منى ، وأمر من معه الهدي بالبقاء على إحرامهم ، وقال لهم عليه السلام حينئذ إذ تردد بعضهم : « لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي حتى اشتريته ، ولجعلتها عمرة ، ولأحللت كما أحللتم ، ولكني سقت الهدي ، فلا أحل حتى أنحر الهدي » ، وكان أبو بكر وعمر وطلحة والزبير وعلي ورجال من أهل الوفر ساقوا الهدي ، فلم يحلوا وبقوا محرمين ، كما بقي عليه السلام محرما ؛ لأنه كان ساق الهدي مع نفسه ، وكان أمهات المؤمنين لم يسقن هديا فأحللن ، وكن قارنات حج وعمرة ، وكذلك فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم وأسماء بنت أبي بكر ، أحلتا حاشا عائشة ، رضي الله عنها ، فإنها من أجل حيضها لم تحل كما ذكرنا ، وشكا علي فاطمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم إذ أحلت فصدقها النبي صلى الله عليه وسلم في أنه هو أمرها بذلك ، وحينئذ سأله سراقة بن مالك بن جعشم الكناني ، فقال : يا رسول الله متعتنا هذه ، ألعامنا هذا أم للأبد ؟ فشبك عليه السلام بين أصابعه ، وقال : « بل لأبد الأبد دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة » ، وأمر عليه السلام من جاء إلى الحج على غير الطريق التي أتى عليه السلام عليها ممن أهل بإهلال كإهلاله أن يثبتوا على أحوالهم ، فمن ساق معه الهدي لم يحل ، فكان علي في أهل هذه الصفة ، ومن كان منهم لم يسق الهدي أن يحل ، فكان أبو موسى الأشعري من أهل هذه الصفة ، وأقام عليه السلام بمكة محرما من أجل هديه يوم الأحد المذكور والاثنين والثلاثاء والأربعاء وليلة الخميس ثم نهض صلى الله عليه وسلم ضحوة يوم الخميس ، وهو يوم منى ، وهو يوم التروية مع الناس إلى منى ، وفي ذلك الوقت أحرم بالحج من الأبطح كل من كان أحل من الصحابة رضي الله عنهم ، فأحرموا في نهوضهم إلى منى في اليوم المذكور ، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى الظهر من يوم الخميس المذكور والعصر والمغرب والعشاء الآخرة ، وبات بها ليلة الجمعة ، وصلى بها الصبح من يوم الجمعة ثم نهض عليه السلام ، بعد طلوع الشمس من يوم الجمعة المذكور إلى عرفة بعد أن أمر عليه السلام بأن تضرب له قبة من شعر بنمرة ، فأتى عليه السلام عرفة ، ونزل في قبته التي ذكرنا ، حتى إذا زالت الشمس أمر بناقته القصواء ، فرحلت له ، ثم أتى بطن الوادي فخطب الناس على راحلته خطبة ذكر فيها عليه السلام تحريم الدماء والأموال والأعراض ، ووضع فيها أمور الجاهلية ودماءها ، وأول ما وضع دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ، كان مسترضعا في بني سعد بن بكر من هوازن ، فقتله هذيل ، وذكر النسابون أنه كان صغيرا يحبو أمام البيوت ، وكان اسمه آدم ، فأصابه حجر غائر أو سهم غرب ، من يد رجل من بني هذيل فمات ، ثم نرجع إلى وصف عمله عليه السلام ، ووضع أيضا عليه السلام في خطبته بعرفة ربا الجاهلية ، وأول ربا وضعه ربا عمه العباس رضي الله عنه ، وأوصى بالنساء خيرا وأباحهم ضربهن غير مبرح ، إن عصين بما لا يحل وقضى لهن بالرزق والكسوة بالمعروف على أزواجهن ، وأمر بالاعتصام بعده بكتاب الله عز وجل وأخبر أنه لن يضل من اعتصم به وأشهد الله عز وجل على الناس أنه قد بلغهم ما يلزمهم ، فاعترف الناس بذلك ، وأمر عليه السلام أن يبلغ ذلك الشاهد الغائب ، وبعثت إليه أم الفضل بنت الحارث الهلالية ، وهي أم عبد الله بن العباس لبنا في قدح فشربه عليه السلام أمام الناس ، وهو على بعيره فعلموا أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن صائما في يومه ذلك ، فلما أتم الخطبة المذكورة أمر بلالا فأذن ، ثم أقام فصلى الظهر ، ثم أقام فصلى العصر ، ولم يصل بينهما شيئا ، لكن صلاهما عليه السلام بالناس مجموعتين في وقت الظهر بأذان واحد لهما معا وبإقامتين ، لكل صلاة منهما إقامة ، ثم ركب عليه السلام راحلته حتى أتى الموقف ، فاستقبل القبلة وجعل جبل المشاة بين يديه ، فلم يزل واقفا للدعاء ، وهنالك سقط رجل من المسلمين عن راحلته وهو محرم في جملة الحجيج فمات ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يكفن في ثوبيه ولا يمس بطيب ولا يحنط ولا يغطى رأسه ولا وجهه ، وأخبر عليه السلام أنه يبعث يوم القيامة ملبيا ، وسأله قوم من أهل نجد هنالك عن الحج ، فأعلمهم عليه السلام بوجوب الوقوف بعرفة ووقت الوقوف بها ، وأرسل إلى الناس أن يقفوا على مشاعرهم ، فلم يزل واقفا للدعاء حتى إذا غربت الشمس من يوم الجمعة المذكور وذهبت الصفرة أردف أسامة بن زيد خلفه ، ودفع عليه السلام وقد ضم زمام ناقته القصواء ، حتى إن رأسها ليصيب طرف رجله ، ثم مضى يسير العنق ، فإذا وجد فجوة نص ، وكلاهما ضرب من السير ، والنص آكدهما ، والفجوة الفسحة من الناس ، كلما أتى ربوة من تلك الروابي أرخى للناقة زمامها قليلا ، حتى تصعدها ، وهو عليه السلام يأمر الناس بالسكينة في السير ، فلما كان في الطريق عند الشعب الأيسر ، نزل عليه السلام فبال وتوضأ وضوءا خفيفا ، وقال لأسامة : « المصلى أمامك » أو كلاما هذا معناه ، ثم ركب حتى أتى المزدلفة ليلة السبت العاشرة من ذي الحجة ، فتوضأ ثم صلى بها المغرب والعشاء الآخرة مجموعتين في وقت العشاء الآخرة دون خطبة ، ولكن بأذان واحد لهما وبإقامتين ، لكل صلاة منهما إقامة ، ولم يصل بينهما شيئا ، ثم اضطجع عليه السلام بها ، حتى طلع الفجر ، فقام عليه السلام وصلى الفجر بالناس بمزدلفة يوم السبت المذكور ، وهو يوم النحر ، وهو يوم الأضحى ، وهو يوم العيد ، وهو يوم الحج الأكبر مغلسا أول انصداع الفجر ، وهنالك سأله عروة بن مضرس الطائي ، وقد ذكر له عمله أنه حج ، فقال له عليه السلام : « إن من أدرك الصلاة ، يعني صلاة الصبح ، بمزدلفة في ذلك اليوم مع الناس فقد أدرك الحج ، وإلا فلم يدرك » . واستأذنته سودة وأم حبيبة في أن تدفعا من مزدلفة ليلا ، فأذن لهما ولأم سلمة في ذلك وللنساء وللضعفاء بعد وقوف جميعهم بمزدلفة ، وذكرهم الله تعالى بها ، إلا أنه عليه السلام أذن للنساء في الرمي بليل ولم يأذن للرجال في ذلك ، لا لضعفائهم ولا لغير ضعفائهم ، وكان ذلك اليوم يوم كونه عليه السلام عند أم سلمة ، فلما صلى عليه السلام الصبح كما ذكرنا بمزدلفة أتى المشعر الحرام بها فاستقبل القبلة ودعا الله عز وجل بها ، وكبر وهلل ووحد ، ولم يزل واقفا بها حتى أسفر جدا ، وقبل أن تطلع الشمس ، فدفع عليه السلام حينئذ من مزدلفة ، وقد أردف الفضل بن العباس وانطلق أسامة على رجليه في سباق قريش ، وهنالك سألت الخثعمية النبي صلى الله عليه وسلم الحج عن أبيها الذي لا يطيق الحج ، فأمرها أن تحج عنه ، وجعل عليه السلام يصرف بيده وجه الفضل بن عباس عن النظر إليها وإلى النساء ، وكان الفضل أبيض وسيما ، وسأله أيضا عليه السلام رجل عن مثل ما سألت عنه الخثعمية ، فأمره عليه السلام بذلك ، ونهض عليه السلام يريد منى ، فلما أتى بطن محسر حرك ناقته قليلا ، وسلك عليه السلام الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى حتى أتى منى ، فأتى الجمرة التي عند الشجرة ، وهي جمرة العقبة ، فرماها عليه السلام من أسفلها بعد طلوع الشمس من اليوم المؤرخ بحصى التقطها له عبد الله بن عباس من موقفه الذي رمى فيه مثل حصى الخذف ، وأمر بمثلها ونهى عن أكبر منها ، وعن الغلو في الدين ، فرماها عليه السلام وهو على راحلته بسبع حصيات كما ذكرنا يكبر مع كل حصاة منها ، وحينئذ قطع عليه السلام التلبية ولم يزل بمنى حتى رمى الجمرة التي ذكرنا ورماها عليه السلام راكبا ، وبلال وأسامة أحدهما يمسك خطام ناقته عليه السلام ، والآخر يظله بثوبه من الحر ، وخطب الناس عليه السلام في اليوم المذكور وهو يوم النحر بمنى خطبة كرر فيها أيضا عليه السلام تحريم الدماء والأموال والأعراض والأبشار ، وأعلمهم عليه السلام فيها بحرمة يوم النحر وحرمة مكة على جميع البلاد ، وأمر بالسمع والطاعة لمن قاد بكتاب الله عز وجل ، وأمر الناس بأخذ مناسكهم فلعله لا يحج بعد عامه ذلك ، وعلمهم مناسكهم وأنزل المهاجرين والأنصار والناس منازلهم ، وأمر أن لا يرجعوا بعده كفارا ، وأن لا يرجعوا بعده ضلالا يضرب بعضهم رقاب بعض . وأمر بالتبليغ عنه وأخبر أن رب مبلغ أوعى من سامع . ثم انصرف عليه السلام إلى المنحر بمنى فنحر ثلاثا وستين بدنة ، ثم أمر عليه السلام بنحر ما بقي منها مما كان علي أتى به من اليمن مع ما كان عليه السلام أتى به من المدينة وكانت تمام المائة . ثم حلق عليه السلام رأسه المقدس وقسم شعره فأعطى نصفه الناس الشعرة والشعرتين ، وأعطى نصفه الثاني كله أبا طلحة الأنصاري ، وضحى عن نسائه بالبقر ، وأهدى عمن كان اعتمر منهن بقرة ، وضحى عليه السلام في ذلك اليوم بكبشين أملحين ، وحلق بعض الصحابة ، وقصر بعضهم ، فدعا عليه السلام للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة ، وأمر عليه السلام أن يؤخذ من البدن التي ذكرنا من كل بدنة بضعة ، فجعلت في قدر وطبخت ، فأكل هو وعلي من لحمها وشربا من مرقها ، وكان عليه السلام قد أشرك عليا فيها ، ثم أمر عليا بقسمة لحومها كلها وجلودها وجلالها ، وأن لا يعطي الجازر منها على جزارتها شيئا ، وأعطاه عليه السلام الأجرة على ذلك من عند نفسه ، وأخبر الناس أن عرفة كلها موقف حاشا بطن عرنة ، وأن مزدلفة كلها موقف حاشا بطن محسر ، وأن منى كلها منحر ، وأن رحالهم بمنى كلها منحر ، وأن فجاج مكة كلها منحر . ثم تطيب عليه السلام قبل أن يطوف طواف الإفاضة ، ولإحلاله قبل أن يحل في يوم النحر ، وهو السبت المذكور ، طيبته عائشة رضي الله عنها بطيب فيه مسك بيديها ، ثم نهض عليه السلام راكبا إلى مكة في يوم السبت المذكور نفسه فطاف في ذلك اليوم طواف الإفاضة وهو طواف الصدر قبل الظهر ، وشرب من ماء زمزم بالدلو ومن نبيذ السقاية . ثم رجع من يومه ذلك إلى منى فصلى بها الظهر . هذا قول ابن عمر ، وقالت عائشة وجابر : بل صلى الظهر ذلك اليوم بمكة ، وهذا الفصل الذي أشكل علينا الفصل فيه بصحة الطرق في كل ذلك ، ولا شك أن أحد الخبرين وهم ، والثاني صحيح ، ولا ندري أيهما هو . وطافت أم سلمة في ذلك اليوم على بعيرها من وراء الناس وهي شاكية استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فأذن لها ، وطافت أيضا عائشة ذلك اليوم ، وفيه طهرت وكانت رضي الله عنها حائضا يوم عرفة ، وطافت أيضا صفية في ذلك اليوم ثم حاضت بعد ذلك ليلة النفر ، ثم رجع عليه السلام إلى منى وسئل عليه السلام حينئذ عما تقدم بعضه على بعض من الرمي والحلق والنحر والإفاضة ؟ فقال في ذلك : « لا حرج » ، وكذلك قال أيضا في تقديم السعي بين الصفا والمروة قبل الطواف بالكعبة ، وأخبر عليه السلام أن الله تعالى أنزل لكل داء دواء إلا الهرم ، وعظم إثم من اقترض عرض مسلم ظلما ، فأقام بمنى باقي يوم السبت ، وليلة الأحد ، ويوم الأحد ، وليلة الاثنين ، ويوم الاثنين ، وليلة الثلاثاء ، ويوم الثلاثاء ، وهذه هي أيام منى ، وهي أيام التشريق ، يرمي الجمرات الثلاث كل يوم من هذه الأيام الثلاثة بعد الزوال بسبع حصيات كل يوم لكل جمرة يبدأ بالدنيا وهي التي تلي مسجد منى ، ويقف عندها للدعاء طويلا ، ثم التي تليها وهي الوسطى ويقف عندها للدعاء كذلك ، ثم جمرة العقبة ولا يقف عندها ويكبر عليه السلام مع كل حصاة « وخطب الناس أيضا يوم الأحد ثاني يوم النحر ، وهو يوم الرءوس ، وقد روي أيضا أنه عليه السلام خطبهم أيضا يوم الاثنين وهو يوم الأكارع ، وأوصى بذوي الأرحام خيرا ، وأخبر عليه السلام أنه لا تجني نفس على أخرى . واستأذنه العباس عمه في المبيت بمكة ليالي منى المذكورة من أجل سقايته فأذن له عليه السلام ، وأذن للرعاء أيضا في مثل ذلك اليوم . ثم نهض عليه السلام بعد زوال الشمس من يوم الثلاثاء المؤرخ ، وهو آخر أيام التشريق ، وهو الثالث عشر من ذي الحجة ، وهو يوم النفر إلى المحصب ، وهو الأبطح ، فضربت له قبته ضربها أبو رافع مولاه ، وكان على ثقله عليه السلام ، وقد كان عليه السلام قال لأسامة أن ينزل غدا بالمحصب خيف بني كنانة ، وهو المكان الذي ضرب فيه أبو رافع قبته وفاقا من الله عز وجل دون أن يأمره عليه السلام بذلك . وحاضت صفية أم المؤمنين ليلة النفر بعد أن أفاضت فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل : » أفاضت يوم النحر « ؟ فقيل : نعم ، فأمرها أن تنفر ، وحكم فيمن كانت حالها كحالها أيضا بذلك . وصلى عليه السلام بالمحصب الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة من ليلة الأربعاء الرابع عشر من ذي الحجة ، وبات بها عليه السلام ليلة الأربعاء المذكورة ، ورقد رقدة ، ولما كان يوم النحر وهو يوم النفر رغبت إليه عائشة بعد أن طهرت أن يعمرها عمرة منفردة ، فأخبرها عليه السلام أنها قد حلت من عمرتها وحجتها ، وأن طوافها يكفيها ويجزئها لحجها وعمرتها فأبت إلا أن تعتمر عمرة مفردة ، فقال لها عليه السلام : » ألم تكوني طفت ليالي قدمنا « ؟ قالت : لا ، فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر أخاها بأن يردفها ويعمرها من التنعيم ففعلا ذلك ، وانتظرها عليه السلام بأعلى مكة ، ثم انصرفت من عمرتها تلك ، وقال لها : » هذا مكان عمرتك « ، وأمر الناس أن لا ينصرفوا حتى يكون آخر عهدهم الطواف بالبيت ، ورخص في ترك ذلك للحائض التي قد طافت طواف الإفاضة قبل حيضها . ثم إنه عليه السلام دخل مكة في الليل من ليلة الأربعاء المذكورة فطاف بالبيت طواف الوداع لم يرمل في شيء منه سحرا قبل صلاة الصبح من يوم الأربعاء المذكور . ثم خرج من كداء أسفل مكة من الثنية السفلى ، والتقى بعائشة رضي الله عنها وهو ناهض في الطواف المذكور وهي راجعة من تلك العمرة التي ذكرنا ثم رجع عليه السلام ، وأمر بالرحيل ومضى عليه السلام من فوره ذلك راجعا إلى المدينة ، فكانت مدة إقامته عليه السلام بمكة مذ دخلها إلى أن خرج إلى منى إلى عرفة إلى مزدلفة إلى منى إلى المحصب إلى أن وجه راجعا عشرة أيام ، فلما أتى ذا الحليفة بات بها ثم لما رأى المدينة كبر ثلاث مرات ، وقال : » لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون ، صدق الله وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده « ، ثم دخل عليه السلام المدينة نهارا من طريق المعرس ، والحمد لله رب العالمين كثيرا ، وصلى الله على محمد عبده ورسوله وسلم :
هذه حجة الرسول كاملة فعلى من أراد الحج قرأتها بتمعن وتطبيقها خطوة بخطوة وبهذا يكن الحج موافقا لما جاء في السيرة المطهرة ويكن حجه مبرورا بإذن الله
تقبل الله من الحجيج حجهم وأساله تعالى أن يعود الحاج بذنب مغفور وحج مبرور كما ولدتهم أمهاتهم خالين من كل الخطايا والذنوب . آمين

الأحد، ٣٠ نوفمبر ٢٠٠٨

الصـــدقة

منهم أهل الصدقات ؟؟ قال لله تعالى : {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }التوبة60
وجاء في تفسير هذه الآية : إنما تعطى الزكوات الواجبة للمحتاجين الذين لا يملكون شيئًا, وللمساكين الذين لا يملكون كفايتهم, وللسعاة الذين يجمعونها, وللذين تؤلِّفون قلوبهم بها ممن يُرْجَى إسلامه أو قوة إيمانه أو نفعه للمسلمين, أو تدفعون بها شرَّ أحد عن المسلمين, وتعطى في عتق رقاب الأرقاء والمكاتبين, وتعطى للغارمين لإصلاح ذات البين, ولمن أثقلَتْهم الديون في غير فساد ولا تبذير فأعسروا, وللغزاة في سبيل الله, وللمسافر الذي انقطعت به النفقة, هذه القسمة فريضة فرضها الله وقدَّرها. والله عليم بمصالح عباده, حكيم في تدبيره وشرعه. التفسير الميسر .
هذه أقسام الصدقات الواجب أن تصرف لهذه الأقسام الثمانية كما حددها الله تعالى .
ماهي الصدقة الجارية ؟
الصدقة الجارية هي الوقف ، وهي الواردة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلاَّ مِنْ ثَلاَثٍ : صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) رواه مسلم (1631). قال النووي رحمه الله في شرح
هذا الحديث :" الصدقة الجارية هي الوقف " انتهى. " شرح مسلم " (11/85) . وقال الخطيب رحمه الله :
"الصدقة الجارية محمولة عند العلماء على الوقف كما قاله الرافعي ، فإن غيره من الصدقات ليست جارية . "مغني المحتاج" .
والصدقة الجارية هي التي يستمر ثوابها بعد موت الإنسان ، وأما الصدقة التي لا يستمر ثوابها ـ كالصدقة على الفقير بالطعام ـ فليست صدقة جارية .
وبناء عليه : فتفطير الصائمين وكفالة الأيتام ورعاية المسنين - وإن كانت من الصدقات - لكنها ليست صدقات جارية ، ويمكنك أن تساهم في بناء دار لليتامى أو المسنين ، فتكون بذلك صدقة جارية ، لك ثوابها ما دامت تلك الدار ينتفع بها .
وأنواع الصدقات الجارية وأمثلتها كثيرة ، منها : بناء المساجد ، وغرس الأشجار ، وحفر الآبار ، وطباعة المصحف وتوزيعه ، ونشر العلم النافع بطباعة الكتب والأشرطة وتوزيعها .
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ : عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ ، أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ ) رواه ابن ماجه (رقم/242) قال المنذري في " الترغيب والترهيب " (1/78) : إسناده حسن . وحسنه الألباني في " صحيح ابن ماجه " وانظر جواب السؤال رقم (69884) و (43101) .
وينبغي للمسلم أن يعدد مصارف صدقاته ، حتى يكون له نصيب من الأجر مع أهل كل طاعة ، فتجعل جزء من مالك لتفطير الصائمين ، وجزء آخر لكفالة اليتيم ، وثالثاً لدار المسنين ، ورابعاً تساهم به في بناء مسجد ، وخامسا لتوزيع الكتب والمصاحف ... وهكذا . والله أعلم .

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ }البقرة264
جاء في تفسير هذه الآية : يا من آمنتم بالله واليوم الآخر لا تُذْهِبُوا ثواب ما تتصدقون به بالمنِّ والأذى, فهذا شبيه بالذي يخرج ماله ليراه الناس, فيُثنوا عليه, وهو لا يؤمن بالله ولا يوقن باليوم الآخر, فمثل ذلك مثل حجر أملس عليه تراب هطل عليه مطر غزير فأزاح عنه التراب, فتركه أملس لا شيء عليه, فكذلك هؤلاء المراؤون تضمحلُّ أعمالهم عند الله, ولا يجدون شيئًا من الثواب على ما أنفقوه. والله لا يوفق الكافرين لإصابة الحق في نفقاتهم وغيرها.. التفسير الميسر.
قلت :هذه الآية والتي بعدها تبين بوضوح ضياع أجر المتصدق الذي لأجل قلبه يستريح إن فعل كهذا عبارة عن إنسان تقدم بهشيم حطب ووضعه في النار ثم صار رماد ا تذروه الرياح . حتى إذا قدم إلى ربه يوم القيامة لم يجد من حسناته شي {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً }الفرقان23
، أخبرنا ابن المبارك، عن حيوة بن شريح قال ، حدثني الوليد بن أبي الوليد أبو عثمان، أن عقبة بن مسلم حدثه، أنّ شُفيّ بن ماتع الأصبحي حدثه: أنه دخل المدينة، فإذا هو برجل قد اجتمع عليه الناس، فقال من هذا؟ فقالوا أبو هريرة! فدنوت منه حتى قعدت بين يديه ، وهو يحدِّث الناس، فلما سكت وَخَلا قلت: أنشدك بحقِّ ، وبحقِّ، لما حدثتني حديثًا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم عَقَلته وعلمتَه . قال: فقال أبو هريرة: أفعل، لأحدثنك حديثًا حدّثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ! ثم نَشَغ نشغةً، ثم أفاق فقال: لأحدثنك حديثًا حدّثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا البيت ، ما فيه أحدٌ غيري وغيره ! ثم نشَغ أبو هريرة نشغةً شديدة، ثم مال خارًّا على وجهه، واشتدّ به طويلا ثم أفاق فقال: حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تبارك وتعالى إذا كان يوم القيامة ، نزل إلى القيامة ليقضي بينهم ، وكل أمة جاثيةٌ، فأوّل من يدعى به رجلٌ جمع القرآن، ورجل قُتِل في سبيل الله، ورجل كثير المال، فيقول الله للقارئ: ألم أعلمك ما أنزلتُ على رسولي؟ قال: بلى يا رب ! قال: فماذا عملت فيما عُلِّمت؟ قال: كنت أقوم آناء الليل وآناء النهار! فيقول الله له: كذبت ! وتقول له الملائكة: كذبت ! ويقول الله له: بل أردت أن يقال: "فلان قارئ" فقد قيل ذلك ! ويؤتى بصاحب المال فيقول الله له: ألم أوسِّع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد؟ قال: بلى يا رب ! قال: فماذا عملت فيما آتيتك؟ قال: كنت أصل الرحم ، وأتصدَّق. فيقول الله له: كذبت ! وتقول الملائكة: كذبت ! ويقول الله له: بل أردت أن يقال: "فلان جواد"، فقد قيل ذلك! ويؤتى بالذي قتل في سبيل الله، فيقال له: فيما ذا قُتلت؟ فيقول: أمرت بالجهاد في سبيلك، فقاتلت حتى قتلت. فيقول الله له: كذبت ! وتقول له الملائكة: كذبت ! ويقول الله له: بل أردت أن يقال: "فلان جريء"، وقد قيل ذلك ! ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ركبتي فقال: يا أبا هريرة ، أولئك الثلاثة أول خلق الله تُسَعَّر بهم النار يوم القيامة.

أحبتي في الله أخلصوا العمل لله حتى ينفعكم ماتقدمونه عند رب العالمين {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ }{إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ }الشعراء89
· أحب تذكير نفسي أولا وخواني ثانيا بأن يحسبوا حساب ذلك اليوم العصيب اليوم الحاسم القضاء فيه لا يقبل النقض أو الاسئناف أو التمييز لأنه حكم صدر ممن خلقك وهو معك مذ كنت في صلب أبيك ثم كنت نطفة في رحم أمك ثم ولادتك وتنشئتك وحياتك حتى قبض روحك وأنت تحت المجهر كما قال الله تعالى :
· {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18ما يلفظ من قول فيتكلم به إلا لديه مَلَك يرقب قوله, ويكتبه, وهو مَلَك حاضر مُعَدٌّ لذلك. ت . م
ثم أنظر إلى ما آل إليه مصير أولئك الثلاثة الأشقياء الذين كانت نواياهم إنما هي للمباهاة والتعالي ليحصلوا على المديح والاطراء وقد حصل وتقاضوا جزاهم مسبقا . كما نقله لنا الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه .
من هذا يتبين لك أخي المنفق أنك مراقب ونيتك محاسب عليها . والمتصدق عليه مثل حمال رغبت إليه ليحمل لك متاع إلى مكان معين ثم تصدقت بتلك الصدقة فإن هذا المتصدق عليه يحملها لك لإيصالها لحسابك في بنك رب العالمين وتجدها رصيدا لك تفرح حين تراها مدخرة لك في ذلك المكان الذي أنت في أمس الحاجة لحسنة ليزداد بها رصيدك . ولو طلبت من أعز الناس إليك وقربهم منك لم ولن تعطى حسنة منه . هذا وصلى الله على نبي الرحمة وآله وصحبه ،،

السبت، ٨ نوفمبر ٢٠٠٨

عقوق الوالدين

عقــوق الوالـدين
حكم عقوق الوالدين : ورد في الحديث عن أبي بكرة رضي لله عنه : قال قال رسول الله : ألا أنبئكم بأكبر الكبائر:قلنا بلى يارسول الله قال : ثلاثا ,, الإشراك بالله وعقوق الوالدين ,, وكان متكئا فجلس فقال : ألا وقول الزور . وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت : متفق عليه : وعن عبدا لله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الكبائر : الإشراك بالله وعقوق الوالدين . وقتل النفس المحرمة ، واليمين الغموس: متفق عليه وعن عبدا لله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه : إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه : قيل: يا رسول الله ويكف يلعن الرجل والديه ؟ : قال : يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه : متفق عليه وعن أنس رضي الله عنه قال : ذكر عند رسول اله صلى الله وسلم الكبائر فقال : الشرك بالله وعقوق الوالدين: وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة : العاق لوالديه والمرأة المترجلة والديوث . وثلاثة لا يدخلون الجنة : العاق لوالديه . والمدمن على الخمر والمنان بما أعطى : قال الله تعالى : {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }العنكبوت8 وقال تعالى {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }الأحقاف15 العقوق خلق قبيح ومقيت ومكروه ولا يتعامل به إلا من أضله الله وأبعده عن طريق الصراط المستقيم وكتب الله عليه الشقاوة في الدنيا ولآخرة إلا من تدارك نفسه وتاب إلى الله توبة نصوحا مع الندم والعزم الأكيد على عدم العودة لذلك الذنب قبل إن تغرغر النفس ويحضر ملك الموت فيوم إذ لا ينفع الندم قال الله تعالى : {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً }النساء18 أو قول :( حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ{99} لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ{100} سورة المؤمنون المقصود أن الندم بعد الموت وحينما يحضر الموت فإنه لا يفيد شيئا والعقوق من بعض الأبناء يكون بقصد ويكون بدون قصد أحيانا والعقوق المقصود من الابن مع سبق الإصرار فإنه جريمة بحد ذاته ولقد قص لنا أخونا الشيخ عبد العزيز بن عبدا لله في كتابه ( خواطر إسلامية صفحة 142) قصة ذلك الابن العاق الذي يتبجح بقوله (لأرى السعادة إلا في عقوق والدي) والذي سرق من ثروة أبيه وهم بضرب أبيه رغم تربيته وتنشئته علي مكارم إلا خلاق وتعلم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم،،ـ هـ والأكثر من هذا من يلعن أمه وأباه ويضربهما وهذا من رد الجميل في نظره : إذ أنهما كانا يضربانه حينما كان صغيرا وهذا في نضره دين يجب الوفاء به ، أنا أدعو ويدعو معي كل مؤمن إلا يكثر الله أمثال هؤلاء السفلة المنحطين الناكرين للجميل والذين سيرد لهم ذلك الدين ممن يربونهم الآن وكم قد رأينا أناسا وسمعنا عن آخرين ممن يتجرعون الويلات من تعامل أبنائهم تجاههم ولقد نقل إلينا من مصادر غير موثوقة عن أناس ضربوا أباهم وغيرهم ذهبوا بآئهم وسلموهم لدور الرعاية الاجتماعية وبعضهم نقل أباه أو أمه ووضعه بعيدا عن داره وقد فقد وعيه ورد إلى أرذل العمر ولا يستطيع التعبير عما يريد وبعضهم نقل أباه في سيارته وقتله في داخل السيارة ثم قام بإحراق السيارة ليخفي معالم جريمته كما نقلت لنا ذلك الصحف المحلية كما قام بعضهم بحجز أباه في غرفة منفردا لئلا يخالط العائلة وحينما توفي ذلك الشيخ قام الابن ينظف الغرفة ويجمع ملابس الشيخ ليضعها في حاوية النفايات وكان معه ابنه البالغ من العمر أربع سنوات فقال لأبيه: يا بتي اقفل هذه الغرفة حتى إذا صرة عجوزا أضعك فيها مثل جدي ، فعلم ذلك الرجل أن مصيره لتلك الغرفة وتذكر قول الرسول(صلى الله عليه وسلم : وكما تدين تدان: بروا آبآكم تبركم ابناكم،، أو كمثل ذلك الرجل الذي سحب أباه في السلم وأراد أن يخرجه إلى خارج الدار وحينما وصل به إلى البوابة قال له أباه يأبني قف هناء حسبك فإني لم أتجاوز بجدك هذا المكان فامتثل الابن لطلب أباه... وما كثر ما قيل في هذا الصدد ومما حفظته من أحاديث المجالس إن رجلا كان خارج الوطن للدراسة فحصل على شهادة عليا عاد إلى وطنه بمظهر يختلف عن مظاهر أهل قريته أما أبوه فإنه بقي على مظهره القديم مظهر الفلاحين يقوم بالحرث والصرام وخدمت المزارع حتى جاء يوم من الأيام والتقى الابن بزملائه قدم لهم دعوة لتناول العشاء معه في داره فقبلوا وحددوا تلك الليلة المشئومة ثم إن ذلك الابن ذهب إلى أبيه واخبره بما عزم عليه ورحب الأب بالفكرة غير إن الابن طلب من أبيه إلا يخبر الضيوف بأنه أباه وقال له أنا سأخبرهم إنك تعمل عندي وقم بكل ما اطلب منك إمامهم لأنهم لو علموا انك أبي فانه سينقص مقامي إمامهم فوافق الأب على مضض حتى إذا حضر الضيوف استقبلهم زميلهم ورحب بهم وأدخلهم الدار فقدم لهم المشروبات ومقدمات العشاء فطلب من الخادم إصلاح الشيشة والإتيان بها في الحال فما كان من الأب إلا أن ذهب إلى الداخل واحضر مسدسه ووقف إمام ابنه ورحب بالضيوف واعتذر إليهم قائلا : مرحبا بكم انتم ضيوف كرام والخراف لا تجملني منكم ولكني اجعل قراكم ابني هذا الذي جعلني خادما عنده ثم افرغ ما في مسدسه في رأس ابنه ـ وما أكثر ماتطالعنا به الصحف في كل يوم من أخبار مشينة ويندى لها الجبين ، ومنها ماطالعتنا به صحيفة الحياة الصادرة بتاريخ 17/12/1428هـ إن احد الإبطال قام بإحراق أبوية في داخل دارهم ولكن يقضت رجال الأمن ألقت اقبض عليه واعترف بجريمته وسيلقى جزاه العادل في الحياة و ويوم القيامة يلقى ما يخزيه ويتحسر على فعله ويندم ولا ينفع الندم نسأل الله أن يحسن عاقبتنا في الأمور كلها ويجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة ،،

الجمعة، ٧ نوفمبر ٢٠٠٨

رسالة إلى ابني
عبارة عن آراء ومواقف
نشأت وترعرعت في خاطري ، ثم أطلقتها كالصيد في البراري ، فقلت لا يصلح صيد بلا قيد ، ولا يصلح بعد القيد حبس ، فا قول مستعينا بالله :
أبني العزيز أعلم رحمك الله إنك لم تخلق عبثا ولم تترك سدا بل خلقت لأمر مهم ومهم جدا إلا وهي عباة الله تعالى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }الذاريات56 {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ }الملك2 أنظر بني إلى الطريق التي أختارها ربك لك حينما خلقك وكونك وأوجدك من العدم إلى الوجود لتسلكها إنها طريق معبده مسهلة مذللة لاشوائب فيها ولا منغصات ولا عقبات وإكان فيها شيء من ذك فقد جعل لك حواس بها تستطيع عبور كل تلك الشوائب
(( أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ )) إذا خلق الموت وهو نهاية كل حي وخلق الحياة وجعلك تتصرف كيف شئت لماذا خلق الموت والحياة من أجل أن يبتلينا أينا أحسن عملا فيستحق رضوان الله ويرافق النبيين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .. أو إن نعرض عن ذلك ونتمتع بكل ما وجد على الأرض من حلال وحرام والإقامة على وجه الأرض يسيرة مهما طالت الحياة ((قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ (113) قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ )) المؤمنون (114) أنظر يأبني كيف يتصور الإنسان مقدار ما عاش على ظهر الأرض لقد عاش اغلب الخلق أكثر من الألف عام ولكن من هول الموقف لا يدري ماذا يجيب به ربه في ذلك الموقف فيردد العبارة السابقة يوم أو بعض يوم والحقيقة إ ن الحياة قصيرة . ابني العزيز اعلم أني لم أنصحك أكرر عليك بغضا لك ولكن حبا وشفقة عليك كما يعلم الله ذلك فإن رأيتك تتكاسل عن صلاة الجماعة كان ذلك مدعاة إثارة لي ويصعب علي أن أراك على المعصية وأنا أعلم عاقبتها {وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً }الفرقان20
قال الله تعالى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ }التغابن 15يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله, إنَّ مِن أزواجكم وأولادكم أعداء لكم يصدونكم عن سبيل الله, ويثبطونكم عن طاعته, فكونوا منهم على حذر, ولا تطيعوهم, وإن تتجاوزوا عن سيئاتهم وتعرضوا عنها, وتستروها عليهم, فإن الله غفور رحيم, يغفر لكم ذنوبكم؛ لأنه سبحانه وتعالى ينظر إلى - العبد التقي فهو من حفظ حدود الله وراعى حقوقه، ومن اتقى الله وقاه، ومن كل خير آتاه، ومن يتق الله يجعل عُسْرَهُ يُسراً، ويُعظِم الله بالتقوى له أجراً... قال قتادة ( من يتق الله يكن معه ، ومن يكن الله معه ، فمعه القوة التي لا تُغلب ، والحارس الذي لا ينام ، والهادي الذي لا يضل ) .
فالتقوى جماع الخير كله، يُلْبِسُها العبد الموفق أثناء الشعائر التعبديّة كما تكون في مشاعرِهِ القلبية ومعاملاته التجاريّة والحياتيّة وغيرها... فهي الحاكم على تصرفاته وأخلاقه وسائر شؤون حياته.
عن وهب بن منبه ، قال : قال رجل من العباد لابنه : « يا بني ، لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير عمل ، ويؤخر التوبة بطول الأمل الوفاق‏

وإليك ابني هذه النصائح القيمة من إمام فاضل نحسبه كذلك والله حسيبه الشيخ / عبد الرحمن بن الجوزي صاحب المولفات المشهورة رحمة الله عليه وهي :

لَفْتَةُ الكِبْدِ إلى نصيحَةِ الوِلْدِ
بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين.المقدمةالحمد لله الذي أنشأ الأب الأكبر1 من تراب، وأخرج ذريته من الترائب2 والأصلاب، وعضد3 العشائر بالقرابة والأنساب، وأنعم علي بالعلم وعرفان الصواب، وأحسن تربيتي في الصبا4، وحفظني في الشباب، ورزقني ذرية أرجو بوجودهم5 وفور6 الثواب: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ، رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} [إبراهيم].أما بعد؛ فإني لما عرفت شرف النكاح، وفضل7 الأولاد، ختمت ختمة، وسألت الله تعالى أن يرزقني عشرة أولاد، فرزقنيهم8، فكانوا: خمسة ذكور، وخمس إناث، فمات من الإناث اثنتان، ومن الذكور أربعة، فلم يبق من الذكور سوى ولدي أبي القاسم9، فسألت الله تعالى أن يجعل فيه الخلف الصالح، وأن يبلغ به المنى والمناجح.

- ثم رأيت منه نوع توان1 عن الجهد في طلب العلم، فكتبت له2 هذه الرسالة، أحثه بها، وأحركه على سلوك طريقي في كسب العلم، وأدله على الالتجاء3 إلى الموفق سبحانه وتعالى، مع علمي بأنه لا خاذل لمن وفق، ولا مرشد لمن أضل؛ لكن قد قال تعالى: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر} [العصر: 3]، وقال: {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} [الأعلى: 9]، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

- فصل: تميز الآدمي بالعقلاعلم يا بني -وفقك الله للصواب- أنه لم يتميز الآدمي بالعقل إلا ليعمل بمقتضاه، فاستحضر عقلك، وأعمل فكرك، واخل بنفسك.تعلم بالدليل أنك مخلوق مكلف، وأن عليك فراض أنت مطالب بها، وأن الملكين يحصيان ألفاظك ونظراتك، وأن أنفاس الحي خطاه إلى أجله1، ومقدار اللبث في الدنيا قليل، والحبس في القبول طويل، والعذاب على موافقة الهوى وبيل2، فأين لذة أمس؟ رحلت وأبقت ندمًا!!. وأين شهوة النفس؟ كم نكست رأسًا، وأزلت قدمًا، وما سعد من سعد إلا بخلاف هواه، ولا شقي من شقي إلا بإيثار دنياه.فاعتبر بمن مضى من الملوك والزهاد، أين لذة هؤلاء؟ وأين تعب أولئك؟ بقى الثواب الجزيل، والذكر الجميل للصالحين3، والقالة4 القبيحة والعقاب الوبيل للعاصين، وكأنه ما جاع من جاع، ولا شبع من شبع.والكسل عن الفضائل بئس الرفيق، وحب الراحة يورث من الندم ما يربو5 على كل لذة، فانتبه واتعب لنفسك.

واعلم أن أداء الفرائض واجتناب المحارم لازم، فمتى تعد الإنسان فالنار النار!!.ثم اعلم أن طلب الفضائل نهاية مراد المجتهدين.ثم الفضائل تتفاوت، فمن الناس من يرى الفضائل: الزهد في الدنيا، ومنهم من يراها التشاغل بالتعبد.وعلى الحقيقة، فليست الفضائل الكاملة إلا الجمع بين العلم والعمل، فإذا حصلا رفع صاحبهما إلى تحقيق معرفة الخالق سبحانه وتعالى، وحركاه إلى محبته وخشيته والشوق إليه.فتلك الغاية المقصودة، و"على قدر أهل العزم تأتي العزائم"1، وليس كل مريد2 مرادًا3، ولا كل طالب واجدًا، ولكن على العبد الاجتهاد، و"كل ميسر لما خلق له"4 والله
المستعان.
فصل: معرفة الله بالدليل أول ما ينبغي النظر فيهوأول ما ينبغي النظر فيه: معرفة الله تعالى بالدليل، ومعلوم أن من رأى السماء مرفوعة، والأرض موضوعة، وشاهد الأبنية المحكمة خصوصًا في جسد نفسه؛ علم أنه لا بد للصنعة من صانع، وللمبني من بان.ثم يتأمل صدق الرسول صلى الله عليه وسلم إليه، وأكبر الدلائل القرآن الذي أعجز الخلق أن يأتوا بسورة من مثله.فإذا ثبت عنده وجود الخالق -جل وعلا- وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم؛ وجب تسليم عناية5 إلى الشرع، فمتى لم يفعل؛ دل على خلل في اعتقاده.

- يجب عليه1 أن يعرف ما يجب عليه من الوضوء والصلاة والزكاة- إن كان له مال- والحج، وغير ذلك من الواجبات، فإذا عرف قدر الواجب قام بها.فينبغي لذي الهمة أن يترقى إلى الفضائل فيتشاغل بحفظ القرآن وتفسيره، وبحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وبمعرفة سيرته وسير أصحابه والعلماء بعدهم، ليتخير مرتبة الأعلى فالأعلى، ولا بد من معرفة ما يقيم به لسانه من النحو، ومعرفة طرف مستعمل من اللغة.والفقه أصل2 العلوم، والتذكير3 حلواؤها، وأعمها نفعًا، وقد رتبت في هذه المذكورات من التصانيف ما يغني عن كل ما سبق من تصانيف القدماء وغيرها بحمد الله ومنه، فأغنيتك عن تطلب الكتب، وجمع الهمم للتصنيف، وما تقف همة إلا لخساستها؛ وإلا فمتى علت الهمة فلا تقنع بالدون.وقد عرفت بالدليل أن الهمة مولودة مع الآدمي؛ وإنما تقصر بعض الهمم في بعض الأوقات، فإذا حثت سارت. ومتى رأيت في نفسك عجزًا فسل المنعم، أو كسلًا فالجأ إلى الموفق، فلن تنال خيرًا إلا بطاعته، ولا يفوتك خير إلا بمعصيته، فمن الذي أقبل عليه فلم يرد4 كل مراد؟ ومن الذي أعرض عنه فمضى بفائدة، أو حظي بغرض من أغراضه؟!. أو ما سمعت قول الشاعر5:والله ما جئتكم زائرًا ... إلا وجدت الأرض تطوى لِيولا ثنيت العزم عن بابكمْ ... إلا تعثرت بأذيالِي فصل: تدبير اللطيف عبده الضعيفوانظر -يا بني- إلى نفسك عند الحدود1، فتلمح: كيف حفظك1 الحدود: الحلال والحرام.

لها؟ فإنه من راعى روعي1، ومن أهمل ترك. وإني لأذكر لك بعض أحوالي، لعلك تنظر إلى اجتهادي، وتسأل الموفق لي؛ فإن أكثر الإنعام لم يكن بكسبي؛ وإنما هو من تدبير اللطيف بي، فإني أذكر نفسي ولي همة عالية، وأنا في المكتب ابن ست سنين، وأنا قرين الصبيان الكبار، قد رزقت عقلًا وافرًا في الصغر، يزيد على عقل الشيوخ، فما أذكر أني لعبت في طريق مع الصبيان قط، ولا ضحكت ضحكًا خارجًا2. حتى إني كنت، ولي سبع سنين أو نحوها أحضر رحبة الجامع، فلا أتخير حلقة مشعبذ3، بل أطلب المحدث فيتحدث بالسير4 الطويل، فأحفظ جميع ما أسمعه، وأذهب إلى البيت فأكتبه.ولقد وفق لي شيخنا أبو الفضل ابن ناصر رحمه الله، وكان يحملني إلى الشيوخ، فأسمعني "المسند"5 وغيره من الكتب الكبار، وأنا لا أعلم ما يراد مني، وضبط لي مسموعاتي إلى أن بلغت، فناولني ثبتها6، ولازمته إلى أن توفي رحمه الله فنلت7 به معرفة الحديث والنقل.- ولقد كان الصبيان ينزلون إلى دجلة، ويتفرجون على الجسر، وأنا في زمن الصغر آخذ جزءًا وأقعد حجرة8 من الناس إلى جانب الرقة9، فأتشاغل بالعلم.ثم ألهمت الزهد، فسردت الصوم، وتشاغلت بالتقلل من الطعام، وألزمت نفسي الصبر، فاستمرت، وشمرت، ولازمت وعالجت10 السهر، ولم أقنع بفن من العلوم، بل كنت أسمع الفقه والوعظ والحديث، وأتبع الزهاد.8 بعيدًا عن الناس.9 الرقة: منطقة في الجانب الغربي من بغداد مقابل دار الخلافة، سميت الرقة؛ لأنها كانت تشكل لسانًا يمتد إلى النهار، محلها الآن باب السيف، والزركجي القسم المطل على النهر.
ثم قرأت اللغة، ولم أترك أحدًا ممن يروي ويعظ، ولا غريبًا يقدم إلا وأحضره، وأتخير الفضائل.وكنت إذا عرض لي أمران أقدم في أغلب الأحوال حق الحق، فأحسن الله تدبيري وتربيتي، وأجراني على ما هو الأصلح لي، ودفع عني الأعداد والحساد ومن يكيدني، وهيأ لي أسباب العلم، وبعث إلي الكتب من حيث لا أحتسب، ورزقني الفهم، وسرعة الحفظ، والحظ وجودة التصنيف، ولم يعوزني شيئًا من الدنيا؛ بل ساق إلي من الرزق مقدار الكفاية وأزيد.ووضع لي من القبول في قلوب الخلق فوق الحد، وأوقع كلامي في نفوسهم فلا يرتابون بصحبته، وقد أسلم علي يدي نحو من1 مائتين من أهل الذمة، ولقد تاب في مجالسي أكثر من مائة ألف، وقد قطعت أكثر من عشرين ألف سالف مما يتعاناه الجهال.ولقد كنت أدور على المشايخ لسماع الحديث، فينقطع نفسي في العدو لئلا أسبق، وكنت أصبح، وليس لي مأكل، وأمسي وليس لي مأكل، ما أذلني الله لمخلوق قط؛ ولكنه ساق رزقي لصيانة عرضي، ولو شرحت أحوالي لطال الشرح.وها أنا قد ترى ما آلت حالي إليه، وأنا أجمعه لك في كلمة واحدة، وهي قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّه} [البقرة: 282].
فانتبه يا بني لنفسك، واندم على ما مضى من تفريطك، واجتهد في لحاق الكاملين، ما دام في الوقت سعة، واسق غصنك ما دامت فيه رطوبة، واذكر ساعتك التي ضاعت فكفى بها عظة، ذهبت لذة الكسل فيها، وفاتت مراتب الفضائل.
وقد كان السلف الصالح -رحمهم الله- يحبون جمع كل فضيلة، ويبكون على فوات واحدة منها، قال إبراهيم بن أدهم رحمه الله: دخلنا على عابد مريض، وهو ينظر إلى رجليه ويبكي، فقلنا: ما لك تبكي؟ فقال: ما اغبرتا في سبيل الله. وبكى آخر فقالوا: ما يبكيك؟ فقال: علي يوم مضى ما صمته، وعلى ليلة ذهبت ما قمتها.واعلم -يا بني- أن الأيام تبسط ساعات، والساعات تبسط أنفاسًا، وكل نفس خزانة؛ فاحذر أن يذهب نفس بغير شيء، فترى في القيامة خزانة فارغة فتندم.وقد قال رجل لعامر بن عبد قيسٍ: قف أكلمك، فقال: أمسك الشمس.وقعد قوم عند معروف رحمه الله فقال: أما تريدون أن تقوموا؛ فإن ملك الشمس يجرها لا يفتر!.وفي الحديث: "من قال: سبحان الله العظيم وبحمده؛ غرست له نخلة في الجنة" ، فانظر إلى مضيع الساعات كم يفوته من النخيل!.وقد كان السف يغتنمون اللحظات، فكان كهمس1 رحمه الله يختم القرآن كل يوم وليلة ثلاث مرات، وكان أربعون رجلًا من السلف يصلون الصبح بوضوء العشاء، وكانت رابعة العدوية تحيي الليل كله؛ فإذا طلع الفجر هجعت هجعة حقيقة، ثم قامت فزعة، وقالت لنفسها: النوم في القبور طويل.

فصل: النظر في حقيقة الدنيا ومن تفكر في الدنيا قبل أن يوجد رأى مدة طويلة؛ فإذا تفكر فيها بعد أن يخرج منها؛ رأى مدة طويلة، وعلم أن اللبث في القبور طويل، فإذا تفكر في يوم القيامة علم أنه خمسون ألف سنة، فإذا تفكر في اللبث في الجنة أو النار علم أنه لا

نهاية له؛ فإذا عاد إلى النظر في مقدار بقائه في الدنيا فرضنا ستين سنةً مثلًا؛ فإنه يمضي ثلاثين سنةً في النوم، ونحوًا من خمس عشرة في الصبا؛ فإذا حسب الباقي؛ كان أكثره في الشهوات والمطاعم والمكاسب، فإذا خلص ما للآخرة؛ وجد فيه من الرياء والغفلة كثيرًا، فبماذا تشتري الحياة الأبدية، وإنما الثمن هذه الساعات؟.

فصل: لا تيأس من الخير ولا يؤيسك -يا بني- من الخير ما مضى من التفريط؛ فإنه قد انتبه خلق كثير بعد الرقاد الطويل.فقد حدثني الشيخ أبو حكيم عن قاضي القضاة الشيخ أبي الحسن الدامغاني1 رحمه الله قال: كنت في صبوتي متشاغلًا بالبطالة غير ملتفت إلى العلم، فأحضرني أبي، أبو عبد الله2 رحمه الله وقال لي: يا بني! لست أبقى لك أبدًا، فخذ عشرين دينارًا، وأفتح لك دكان خباز وتكسب، فقلت له: ما هذا الكلام؟! قال: فافتح دكان بزاز4 بالعلم، واجتهدت، ففتح الله تعالى عَلَيَّ.وحكى لي بعض أصحاب أبي محمد الحلواني رحمه الله قال: مات أبي وأنا ابن إحدى وعشرين سنة، وكنت موصوفًا بالبطالة، فأتيت أتقاضى بعض سكان دار قد ورثتها؛ فسمعتهم يقولون: جاء المدبر، أي الربيط5، فقلت لنفسي: يقال عني هذا؛ فجئت إلى والدتي فقلت: إذا أردت طلبي فاطلبيني من مجلس الشيخ أبي الخطاب6، ولازمته؛ فما خرجت إلا إلى القضاء، فصرت قاضيًا مدة.
قلت: ورأيته أنا، وهو يفتي ويناظر. فألزم نفسك -يا بني- الانتباه عند طلوع الفجر، ولا تتحدث بحديث الدنيا؛ فقد كان السلف الصالح - رحمهم الله- لا يتكلمون في ذلك الوقت بشيء من أمور الدنيا، وقل عند انتباهك من النوم: "الحمد لله الذي أحياني بعدما أماتني وإليه النشور" 1 ، الحمد لله الذي: {وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيم} [الحج: 65].ثم قم إلى الطهارة، واركع سنة الفجر، واخرج إلى المسجد خاشعًا، وقل في طريقك: "اللهم إني اسألك بحق السائلين عليك، وبحق ممشاي هذا، إني لم أخرج أَشَرًا ولا بَطَرًا، ولا رياءً ولا سمعةً، خرجت اتقاء سخطك، وابتغاء مرضاتك، وأسألك أن تجيرني من النار، وأن تغفر لي ذنوبي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت"2.واقصد الصلاة إلى يمين الإمام؛ فإذا فرغت من الصلاة فقل: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير" -عشر مرات3- ثم سبح عشرًا، واحمد عشرًا، وكبر عشرًا4، واقرأ آية الكرسي5، واسأل الله سبحانه قبول الصلاة.فإن صح لك، فاجلس ذاكرًا الله تعالى إلى أن تطلع الشمس وترتفع، ثم صل واركع ما كتب لك، وإن كان ثماني ركعات، فهو حسن.
الضحى ثماني ركعات، ثم تشاغل بمطالعة، أو نسخ إلى وقت العصر، ثم عد إلى درسك من بعد العصر إلى وقت المغرب، وصل بعد المغرب ركعتين بجزأين، فإذا صليت العشاء؛ فعد إلى دروسك. ثم اضطجع على شقك الأيمن، فسبح ثلاثًا وثلاثين، واحمد ثلاثًا وثلاثين، وكبر أربعًا وثلاثين1، وقل "اللهم قني عذابك، يوم تجمع عبادك" 2 .وإذا فتحت عينيك من النوم فاعلم أن النفس قد أخذت حظها، فقم إلى الوضوء، وصل في ظلام الليل ما أمكن، واستفتح بركعتين خفيفتين، ثم بعدهما ركعتين بجزأين من القرآن، ثم تعود إلى درس العلم، فإن العلم أفضل من كل نافلة.

فصل: العزلةُ أصل كل خيروعليك بالعزلة، فهي أصل كل خيرٍ، واحذر من جليس السوء، وليكن جلساؤك الكتب، والنظر في سير السلف.ولا تشتغل بعلم حتى تحكم ما قبله، وتلمح سير الكاملين في العلم والعمل، ولا تقنع بالدون، فقد قال الشاعر1:ولم أر في عيوب الناس شَيْئًا ... كنقص القادرين على التَّمَامِواعلم أن العلم يرفع الأراذل؛ فقد كان خلق كثير من العلماء لا نسب لهم يذكر، ولا صورة تستحسن.وكان عطاء بن أبي رباح2 أسود اللون، مستوحش الخلقة، وجاء إليه سليمان بن عبد الملك -وهو خليفة- ومعه ولداه3، فجلسوا يسألونه عن المناسك،

فحدثهم، وهو معرض عنهم بوجهه، فقال الخليفة لولديه: قوما ولا وكان الحسن مولى -أي: مملوكًا- وابن سيرين ومكحول وخلق كثير؛ وإنما شرفوا بالعلم والتقوى.
فصل: اقتنع تعزّواجتهد يا بني في صيانة عرضك من التعرض لطلب الدنيا، والذل لأهلها، واقنع تعز، فقد قيل: من قنع بالخبز والبقل لم يستعبده أحد.ومر1 أعرابي على البصرة فقال: من سيد هذه البلدة2؟ قيل له: الحسن البصري، قال: وبم3 سادهم؟ قالوا: لأنه استغنى عن دنياهم، وافتقروا إلى علمه.واعلم -يا بني- أن أبي كان موسرًا وخلف ألوفًا من المال، فلما بلغت، دفعوا لي عشرين دينارًا ودارين، وقالوا لي: هذه التركة كلها، فأخذت الدنانير، واشتريت بها كتبًا من كتب العلم، وبعت الدارين، وأنفقت ثمنهما في طلب العلم، ولم يبق لي شيء من المال، وما ذل أبوك في طلب العلم قط، ولا خرج يطوف في البلدان كغيره من الوعاظ، ولا بعث رقعة إلى أحد يطلب منه شيئًا قط، وأموره تجري على السداد {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}
فصل: متى صحّت التقوى رأيت كل خيريا بني! ومتى صحت التقوى رأيت كل خير، والمتقي لا يرائي الخلق، ولا يتعرض لما يؤذي دينه، ومن حفظ حدود الله حفظه الله. قال

فصل: سمو الهمة إلى الكمالوينبغي أن تسمو همتك إلى الكمال، فإن خلقًا وقوفًا مع الزهد، وخلقًا تشاغلوا بالعلم، وندر أقوام جمعوا بين العلم الكامل، والعمل الكامل. واعلم أني قد تصفحت التابعين ومن بعدهم، فما رأيت أحظى بالكمال من أربعة أنفس: سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وسفيان الثوري، وأحمد بن حنبل رضي الله عنهما، وقد كانوا رجالًا؛ وإنما كانت لهم همم ضعفت عندنا، وقد كان في السلف خلق كثير لهم همم عالية، فإذا أردت أن تنظر إلى أحوالهم، فانظر في كتاب صفة الصفوة1 وإن شئت تأمل أخبار سعيد، والحسن، وسفيان، وأحمد رضي الله عنهم، فقد جمعت لكل واحد منهم كتابًا.

فصل: الحفظ رأس المال والتصرف ربحوقد علمت يا بني أني صنفت مائة كتاب1، فمنها التفسير الكبير2: عشرون مجلدًا، والتاريخ3: عشرون مجلدًا، وتهذيب المسند عشرون مجلدًا، وباقي الكتب بين كبار وصغار، يكون خمسة مجلدات، ومجلدين، وثلاثة وأربعة، وأقل وأكثر؛ كفيتك بهذه التصانيف عن استعارة الكتب، وجمع الهمم في التأليف.فعليك بالحفظ! وإنما الحفظ رأس المال والتصرف ربح، واصدق في الحالتين في الالتجاء إلى الحق سبحانه، فراع حدوده، قال الله تعالى: { إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ
فصل: من أعرض عن العمل منع البركةوإياك أن تقف مع صورة العلم دون العمل به؛ فإن الداخلين على الأمراء، والمقبلين على أهل الدنيا قد أعرضوا عن العمل بالعلم، فمنعوا البركة، والنفع به.
فصل: على قدر انتفاعك بالعلم ينتفع السمَّاعونوإياك أن تتشاغل بالتعبد من غير علم، فإن خلقًا كثيرًا من المتزهدين المتصوفة ضلوا طريق الهدى، إذ عملوا بغير علم.واستر نفسك بثوبين جميلين لا يشهرانك بين أهل الدنيا برفعتهما، ولا بين المتزهدين بضعتهما.وحاسب نفسك عند كل نظرة وكلمة وخطوة؛ فإنك مسؤول عن ذلك، وعلى قدر انتفاعك بالعلم ينتفع السماعون، ومتى لم يعمل الواعظ بعلمه زلت موعظته عن القلوب، كما يزل الماء عن الحجر، فلا تعظن إلا بنية، ولا تمشين إلا بنية، ولا تأكلن لقمة إلا بنية، ومع مطالعة أخلاق السلف ينكشف لك الأمر.

فصل: عليك بقراءة هذه الكتبوعليك بكتاب "منهاج المريدين" فإنه يعلمك السلوك، واجعله جليسك ومعلمك، وتلمح كتاب "صيد الخاطر" فإنك تقع بواقعات تصلح لك دينك ودنياك، وتحفظ كتاب "جنة النظر" فإنه يكفي في تلقيح فهمك للفقه، ومتى تشاغلت بكتاب "الحدائق" أطلعك على جمهور الحديث، وإذا التفت إلى كتاب "الكشف" أبان لك مستور ما في "الصحيحين" من الحديث، ولا تشاغلن بكتب التفاسير التي
حسن المدارة... فصل: حسن المداراةوكن حسن المداراة للخق، مع شدة الاعتزال عنهم، فإن العزلة راحة من خلطاء السوء، ومبقية للوقار؛ فإن الواعظ -خاصة- ينبغي له ألا يرى متبذلًا، ولا ماشيًا في السوق، ولا ضاحكًا، ليحسن الظن به، فينتفع بوعظه، فإذا اضطررت إلى مخالطة الناس؛ فخالطهم بالحلم عنهم، فإنك إن كشفت عن أخلاقهم لم تقدر عن مداراتهم.

فصل: أدّ إلى كل ذي حقّ حقَّهُوأد إلى كل ذي حق حقه من زوجة وولد وقرابة، وانظر كل ساعة من ساعاتك، بماذا تذهب؟ فلا تودعها إلا1 أشرف ما يمكن، ولا تهمل نفسك، وعودها أشرف ما يكون من العمل وأحسنه، وابعث إلى صندوق القبر ما يسرك الوصول إليه، كما قيل:يا من بدنياه اشتغل ... وغره طول الأملالموت يأتي بغتة ... والقبر صندوق العملوراع عواقب الأمور؛ يهن عليك الصبر عن كل ما تشتهي وما تكره، وإن وجدت من نفسك غفلة فاحملها إلى المقابر، وذكرها قرب الرحيل.ودبر أمرك -والله المدبر- في إنفاقك، من غير تبذير، لئلا تحتاج إلى الناس، فإن حفظ المال من الدين؛ ولأن تخلف لورثتك خير من أن تحتاج إلى الناس.
فصل: إننا من أولاد أبي بكر الصديق رضي الله عنهيا بني، واعلم أننا من أولاد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وأبونا القاسم بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن أبي بكر رضي الله عنه -وأخباره موثقة في كتاب صفة الصفوة1. ثم تشاغل سلفنا بالتجارة والبيع والشراء، فما كان من المتأخرين من رزق همة في طلب العلم غيري، وقد آل الأمر إليك، فاجتهد ألا تخيب ظني فيما رجوته فيك ولك، وقد أسلمتك إلى الله سبحانه وتعالى، وإياه أسأل أن يوفقك للعلم والعمل.وهذا قدر اجتهادي في وصيتي، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، والحمد لله مزيد الحامدين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أ /هـ
أبني عليك بتقوى الله في السر والعلن وأعلم أن الله لا يخفى عليه عليه شي من عملك ثم إن كل شي ستراه عما قريب بعد الموت وتجنب محارم الله بالتباع سنته حتى تصحح عيبوك لتقر عينك . وإني قد وسمت لك وسما ووضعت لك رسما . إن أنت حفظته ووعيته وعملت به أفلحت في الدارين أزم وصيت أبيك وفرغ لذلك ذهنك وأشغل به قلبك ولبك وإياك وكثرة الضحك والمزا ح والهزل مع الأخوان فإن ذلك يوقع الشحناء ويذهب بالبهاء . وأعلم إن من أكرم عرضه أكرمه الناس ، ثم إني أوصيك بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس رضي الله عنه بقوله :

يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك وإذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف رويناه في الترمذي وقال حديث حسن صحيح وفي رواية غير الترمذي زيادة احفظ الله تجده أمامك تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة واعلم أن ما اخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك وفي آخره واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا قال النووي هذا حديث عظيم الموقع انتهى
فالنجاة النجاة قبل حلول الوفاة والعجل العجل قبل هجوم الأجل فالويل كل الويل لمن فرط حتى تورط . وآثر الإمهال حتى صار في حيز الإمهمال . ثم هجم عليه مفرق الأحباب فحينئذ تنقطع ب÷ الأسباب ويسد دونه طريق الإياب . ويندم يوم لاينفع الندم .والله المستعانوعليه التكلان ولاحول ولاقوة إلا بالله . والحمد لله رب العالمين .،،،


الخميس، ٦ نوفمبر ٢٠٠٨

قصــة الأبرص والأقرع والأعى

عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن ثلاثة في بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى ، فأراد الله أن يبتليهم ، فبعث إليهم ملكا ، فأتى الأبرص ، فقال : أي شيء أحب إليك ؟ قال : لون حسن ، وجلد حسن ، ويذهب عني الذي قد قذرني الناس ، قال : فمسحه فذهب عنه قَذَرُه ، وأعطي لونا حسنا وجلدا حسنا ، قال : فأي المال أحب إليك ؟ قال : الإبل ، قال : فأعطي ناقة عُشَراء ، فقال : بارك الله لك فيها ، قال : فأتى الأقرع فقال : أي شيء أحب إليك ؟ قال شعر حسن ، ويذهب عني هذا الذي قد قَذِرَني الناس ، قال : فمسحه فذهب عنه ، وأعطي شعرا حسنا ، قال : فأي المال أحب إليك ؟ قال : البقر ، فأعطي بقرة حاملا ، فقال : بارك الله لك فيها ،قال : فأتى الأعمى ، فقال : أي شيء أحب إليك ، قال : أن يرد الله إلي بصري فأبصر به الناس ، قال : فمسحه فرد الله إليه بصره ، قال : فأي المال أحب إليك ، قال : الغنم ، فأعطي شاة والدا ، فأنتج هذان وولد هذا ، قال : فكان لهذا واد من الإبل ، ولهذا واد من البقر ، ولهذا واد من الغنم ، قال : ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته ، فقال : رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري ، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك ، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال ، بعيرا أتَبَلَّغُ عليه في سفري ، فقال : الحقوق كثيرة : فقال له : كأني أعرفك ، ألم تكن أبرص يَقْذَرُك الناس ؟! فقيرا فأعطاك الله ؟! فقال : إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر ، فقال : إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت ، قال : وأتى الأقرع في صورته ، فقال له مثل ما قال لهذا ، ورد عليه مثل ما رد على هذا ، فقال : إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت ، قال : وأتى الأعمى في صورته وهيئته ، فقال : رجل مسكين وابن سبيل انقطعت بي الحبال في سفري ، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك ، أسألك بالذي رد عليك بصرك ، شاة أتبلغ بها في سفري ، فقال : قد كنت أعمى فرد الله إلي بصري ، فخذ ما شئت ودع ما شئت ، فوالله لا أَجْهَدُكَ اليوم شيئا أخذته لله ، فقال : أمسك مالك ، فإنما ابتليتم ، فقد رُضِيَ عنك ، وسُخِطَ على صاحبيك ) متفق عليه
قلــت:
هذه قصة وقعت في بني إسرآيل وقد ابتلاهم الله تعالى وأختبرهم فأرسل إليهم م ملكا في صورة إنسان وناقشهم فيما يحبون فأول ما طلبوا إزالة العاهات التي كانوا يعانون منها وهي البرص والقرع والعمى فشفاهم الله جميعا بواسطة ذلك الملك ثم خيرهم في المال فكل أختار نوع غير الذي أختاه صاحبه وكل واحد منهم لا يعلم عن صاحبه شيء ومن الطبيعي إن الإنسان إذا أعطي شكر غير إن هؤلا لم ينجوا من الجحود ونكران النعمة إلا واحد الذي هو الأعمى الذي تذكر مكان يعانيه من الفقر والعمى . فأجاب الملك إلى تحقيق طلبه بل أنه طلب من الملك أخذا ما شاء وترك ما شاء قائلا له : قد كنت أعمى فرد الله إلي بصري ، فخذ ما شئت ودع ما شئت فو الله لا جهدك اليوم شيا أخذته لله أنظر يارعاك الله فالموفق من وفقه الله ثم انظر إلى صاحبيه كيف كذبا فصيرهم الله إلى ما كانا عليه من الفقر والعاهة التي كان الناس يقذ رونهم بها {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ }محمد21وأن يقولوا قولا موافقًا للشرع. فإذا وجب القتال وجاء أمر الله بِفَرْضه كره هؤلاء المنافقون ذلك, فلو صدقوا الله في الإيمان والعمل لكان خيرًا لهم من المعصية والمخالفة. ت / م
إن هذه القصة تبين بجلا إن الابتلاء سنة جارية وقدر نافذ يبتلي الله به من يشاء من عباده بالسراء والضراء والخير والشر فتنة وامتحان كما قال تعالى : {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }الأنبياء35
وليميز بين الصادق والكاذب والصابر والجاهد ما كثر الجاحدين في كل زمان ومكان وما كثر من يرزقه مالا ويتعالى ويتكبر على عباد الله وينظر إلى الآخرين بعين الاستصغار والازدراء . ولسان حاله يقول لون أن فلانا رجلا ناجحا لكان عنده من المال مثل الذي عندي قال الله تعالى مخبرا عن قارون : {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ }القصص78
من العلم والقدرة, أولم يعلم قارون أن الله قد أهلك مِن قبله من الأمم مَن هو أشد منه بطشًا, وأكثر جمعًا للأموال؟ ولا يُسأل عن ذنوبهم المجرمون; لعلم الله تعالى بها, إنما يُسْألون سؤال توبيخ
والأبرص والأقرع قال كل منهما إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر رغم تذكير ذلك الرسول لهما بما كانا عليه من الفقر والقذر الذي كانا بهما فتجاهلاه وظنوا إن الله لا يعلم ما انطوت عليه خبايا نفسيهما من خبث ونكران للفضل وما هي إلا دعوة من ملك مكلف بتوصيل الرسالة إليهما فعادا كما كانا من الفقر والتشويه نسأل الله العافية والسلامة .
{يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاءُ }إبراهيم27

الخميس، ٣٠ أكتوبر ٢٠٠٨

ذم الدنيــا

ذم الدنيا
{إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }يونس24
إنما مثل الحياة الدنيا وما تتفاخرون به فيها من زينة وأموال, كمثل مطر أنزلناه من السماء إلى الأرض, فنبتت به أنواع من النبات مختلط بعضها ببعض مما يقتات به الناس من الثمار, وما تأكله الحيوانات من النبات, حتى إذا ظهر حُسْنُ هذه الأرض وبهاؤها, وظن أهل هذه الأرض أنهم قادرون على حصادها والانتفاع بها, جاءها أمرنا وقضاؤنا بهلاك ما عليها من النبات, والزينة إما ليلا وإما نهارًا, فجعلنا هذه النباتات والأشجار محصودة مقطوعة لا شيء فيها, كأن لم تكن تلك الزروع والنباتات قائمة قبل ذلك على وجه الأرض, فكذلك يأتي الفناء على ما تتباهَون به من دنياكم وزخارفها فيفنيها الله ويهلكها. وكما بيَّنا لكم -أيها الناس- مَثَلَ هذه الدنيا وعرَّفناكم بحقيقتها, نبيِّن حججنا وأدلتنا لقوم يتفكرون في آيات الله, ويتدبرون ما ينفعهم في الدنيا والآخرة.التفسير الميسر

1 - عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : حب الدنيا رأس كل خطيئة
2- و أخبرنا المستورد الفهري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : والله ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه في اليم فلينظر ما يرجع إليه

3- عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : من أحب دنياه أضر بآخرته ومن أحب آخرته أضر بدنياه فآثروا ما يبقى على ما يفنى :
4- وعن مالك بن مغول قال : قال ابن مسعود : الدنيا دار من لا دار له ومال من لا مال له ولها يجمع من لا عقل له

5- حدثني محمد بن الحارث المقري حدثنا سيار أخبرنا جعفر أخبرنا أبو عمران الجوني قال : مر سليمان بن داود في موكبه والطير تظله والجن والإنس عن يمينه وعن يساره قال : فمر بعابد من عباد بني إسرائيل فقال : يا ابن داود لقد آتاك الله ملكا عظيما قال : فسمع سليمان كلمته فقال : لتسبيحة في صحيفة مؤمن خير مما أعطي ابن داود فما أعطي لابن داود يذهب والتسبيحة تبقى
6- وعن مالك بن دينار قال : قالوا : لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه : يا أبا الحسن صف لنا الدنيا ؟ قال : أطيل أم أقصر ؟ قالوا : بل أقصر قال : حلالها حساب وحرامها النار
7- عن شيخ من بني عدي قال : قال رجل لعلي بن أبي طالب : يا أمير المؤمنين صف لنا الدنيا ؟ قال : وما أصف لك من دار من صح فيها أمن ومن سقم فيها ندم ومن افتقر فيها حزن ومن استغنى فيها فتن من حلالها حساب ومن حرامها النار
8- عن أبي سفيان عن الحسن البصري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون إن بني إسرائيل لما بسطت لهم الدنيا ومهدت تباهوا في الحلية والطيب والنساء والثياب
9- سمعت أبا زكريا المنتوف يحدث القواريري قال : ذكرت الدنيا عند الحسن البصري فقال :
( أحلام نوم أو كظل زائل ... إن اللبيب بمثلها لا يخدع )
10 عن ليث : أن عيسى ابن مريم رأى الدنيا في صورة عجوز هتماء عليها من كل زينة فقال لها : كم تزوجت ؟ قالت : لا أحصيهم قال : كلهم مات عنك أو كلهم طلقك ؟ قالت : بل كلهم قتلت قال : فقال عيسى عليه السلام : بؤسا لأزواجك الباقين ألا يعتبرون بأزواجك الماضين كيف تهلكينهم واحدا واحدا ولا يكونون منك على حذر

11- عن أبي العلاء قال : رأيت في النوم عجوزا كبيرة متغضنة الجلد ينظرون إليها فجئت فنظرت فعجبت من نظرهم إليها وإقبالهم عليها فقلت لها : ويلك من أنت ؟ قالت : أو ما تعرفني ؟ قلت : لا ما أدري من أنت ؟ قالت : فإني أنا الدنيا قال : قلت : أعوذ بالله من شرك قالت : فإن أحببت أن تعاذ من شري فابغض الدرهم
12- حدثني يحيى بن أبي بكير العبدي أخبرنا بعض العلماء قال : قال عيسى بن مريم عليه السلام : يا معشر الحواريين إني قد كببت لكم الدنيا على وجهها فلا تنعشوها بعدي فإن من خبث الدنيا أن الله عصي فيها وإن من خبث الدنيا أن الآخرة لا تدرك إلا بتركها ألا فاعبروا الدنيا ولا تعمروها
13- حدثني سريج بن يونس أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا هشام قال : سمعت الحسن يقول : والله ما أحد من الناس بسط له الدنيا فلم يخف أن يكون قد مكر به فيها إلا كان قد نقص عقله وعجز رأيه وما أمسك الله عن عبد الدنيا فلم يظن أنه قد خير له فيها إلا كان قد نقص عقله وعجز رأيه
14- سمعت بلال بن سعد يقول : والله لكفى به ذنبا أن الله عز و جل يزهدنا في الدنيا ونحن نرغب فيها فزاهدكم راغب ومجتهدكم مقصر وعالمكم جاهل
15- حدثنا بشر بن عمر الزهراني أخبرنا عبد الواحد بن صفوان قال : كنا مع الحسن في جنازة فقال : رحم الله أمراء عمل لمثل هذا اليوم إنكم اليوم تقدرون على ما لا يقدر عليه إخوانكم هؤلاء من أهل القبور فاغتنموا الصحة والفراغ قبل يوم الفزع والحساب
معناه لا تقعدوا على الدنيا
16- حدثني عثمان بن أبي شيبة أخبرنا معاوية بن هشام قال : سمعت سفيان الثوري يقول : كان يقال : إنما سميت الدنيا لأنها دنية وإنما سمي المال لأنه يميل بأهله
17- عن أبي سعيد قال : صلى بنا رسول الله صلى لله عليه وسلم العصر ثم قام فخطبنا فقال في خطبته : ألا إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون ألا فاتقوا الدنيا واتقوا النساء
18- عن الحسن أن النبي صلى الله عليه و سلم مر على دور من دور الجاهلية فرأى سخلة منبوذة خداج ما عليها شعر فقال : أترون هذه هانت على أهلها ؟ قالوا : من هوانها ألقوها قال : فو الذي نفسي بيده للدنيا أهون على الله عز و جل من هذه على أهلها
19- عن وهب بن منبه قال : بينما ركب يسيرون إذ هتف بهم هاتف : ( ألا إنما الدنيا مقيل للرائح ... قضى وطرا من حاجة ثم هجرا )
( ألا لا ولا يدري علام قدومه ... ألا كلما قدمت تلفى مؤخرا
20- عن جابر بن عون ألأسدي قال : أول كلام تكلم به سليمان بن عبد الملك أن قال : الحمد لله الذي ما شاء صنع وما شاء رفع وما شاء وضع ومن شاء أعطى ومن شاء منع إن الدنيا دار غرور ومنزل باطل وزينة تتقلب تضحك باكيا وتبكي ضاحكا وتخيف آمنا وتؤمن خائفا وتفقر مثريها وتثري فقيرها ميالة لاعبة بأهلها يا عباد الله اتخذوا كتاب الله إماما وارضوا به واجعلوه لكم قائدا فإنه ناسخ لما قبله ولن ينسخه كتاب بعده اعلموا عباد الله إن هذا القرآن يجلو كيد الشيطان وضغائنه كما يجلو ضوء الصبح إذا تنفس إدبار الليل إذا عسعس
21- أخبرنا مالك بن مغول عن سهل أبي الأسد قال : كان يقال : مثل الذي يريد أن يجمع له الآخرة والدنيا مثل عبد له ربان لا يدري أيهما رضي
22- عن عبد الله بن دينار عن الحسن أنه كان يقول : من أحب الدنيا وسرته ذهب خوف الآخرة من قلبه وما من عبد يزداد علما ويزداد على الدنيا حرصا إلا ازداد إلى الله عز و جل بغضا وازداد من الله بعدا
23- أخبرنا ابن لهيعة أخبرنا شعيب بن أبي سعيد : أن رجلا قال : يا رسول الله كيف لي أن أعلم كيف أنا ؟ قال : إذا رأيت كلما طلبت شيئا من أمر الآخرة وابتغيته يسر لك وإذا أردت شيئا من أمر الدنيا وابتغيته عسر عليك فأنت على حال حسنة وإذا كنت على خلاف ذلك فإنك على حال قبيحة
24- أنشدني أحمد بن موسى الثقفي :
( جهول ليس تنهاه النواهي ... ولا تلقاه إلا وهو ساهي )
( يسر بيومه لعبا ولهوا ... ولا يدري وفي غده الدواهي )
( مررت بقصره فرأيت فيه ... عجيبا فيه من زجر وناهي )
( بدا فوق السرير فقلت من ذا ... فقالوا ذلك الملك المباهي )
( رأيت الباب سود والجواري ... ينحن وهن يكسرن الملاهي )
( تبين أي دار أنت فيها ... ولا تسكن إليها وآذر ما هي )
25- حدثنا إسحاق بن إسماعيل أخبرنا جرير عن ليث قال : صحب رجل عيسى بن مريم فقال : أكون معك وأصحبك قال : فانطلقا فانتهيا إلى شط نهر فجلسا يتغديان ومعهما ثلاثة أرغفة فأكلا رغيفين وبقي رغيف فقام عيسى إلى النهر فشرب ثم رجع فلم يجد الرغيف فقال للرجل : من أخذ الرغيف ؟ قال : لا أدري
قال : فانظلق معه صاحبه فرأى ظبية معها خشفان قال : فدعا أحدهما فأتاه فذبحه فاشتوى منه فأكل هو وذاك ثم قال للخشف : قم بإذن الله فقام فذهب فقال للرجل : أسألك بالذي أراك هذه الآية من أخذ الرغيف ؟ قال : ما أدري
قال : : ثم انتهيا إلى وادي فأخذ عيسى بيد الرجل فمشيا على الماء فلما جاوزا قال : أسالك بالذي أراك هذه الآية من أخذ الرغيف ؟ قال : لا أدري
قال : فانتهيا إلى مفازة فجلسا فأخذ عيسى فجمع ترابا أو كثيبا ثم قال : كن ذهبا بإذن الله فصار ذهبا فقسمه ثلاث أثلاث فقال : ثلث لي وثلث لك وثلث لمن أخذ الرغيف فقال : أنا أخذت الرغيف قال : فكله لك
قال : وفارقه عيسى فانتهى إليه رجلان في المفازة ومعه المال فأراردا أن يأخذا منه ويقتلاه فقال : هو بيننا أثلاثا قال : فابعثوا أحدكم إلى القرية حتى يشتري طعاما قال : فبعثوا أحدهم قال : فقال الذي بعث : لأي شيء أقاسمهما هذا المال ولكني أضع في هذا الطعام سما فأقتلهما قال : ففعل وقال ذانك : لأي شيء نجعل لهذا ثلث المال ولكن : إذا رجع إلينا قتلناه واقتسمناه بيننا قال : فلما رجع إليهما قتلاه وأكلا الطعام فماتا قال : فبقي ذلك المال في المفازة وأولئك الثلاثة قتلى عنده وفي غير حديث إسحاق بن إسماعيل : قال : فمر بهم عيسى على تلك الحال فقال : هذه الدنيا فاحذروها . أعبروها ولا تعمروها .
26- حدثنا إسحاق بن إسماعيل حدثنا روح بن عبادة أخبرنا هشام بن حسان عن الحسن قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لأصحابه : إنما مثلي ومثلكم ومثل الدنيا كمثل قوم سلكوا مفازة غبراء حتى إذا لم يدروا ما سلكوا منها أكثر أو ما بقي أنفذوا الزاد وحسروا الظهر وبقوا بين ظهراني المفازة لا زاد ولا حمولة فأيقنوا بالهلكة فبينما هم كذلك إذ خرج عليهم رجل في حلة يقطر رأسه فقالوا : إن هذا قريب عهد بريف وما جاءهم هذا إلا من قريب قال : فلما انتهى إليهم قال : يا هؤلاء قالوا : يا هذا قال : علام أنتم ؟ قالوا : على ما ترى قال : أرأيتم إن هديتكم إلى ماء روي ورياض خضر ما تعملون ؟ قالوا : لا نعصيك شيئا قال : عهودكم ومواثيقكم بالله قال : فأعطوه عهودهم ومواثيقهم بالله لا يعصونه شيئا قال : فأوردهم ماء ورياضا خضرا قال : فمكث فيهم ما شاء الله ثم قال : يا هؤلاء قالوا : يا هذا قال : الرحيل قالوا : إلى أين ؟ قال : إلى ما ليس كمائكم وإلى رياض ليس كرياضكم قال : فقال جل القوم وهم أكثرهم : والله ما وجدنا هذا حتى ظننا أن لن نجده وما نصنع بعيش خير من هذا قال : وقالت طائفة وهم أقلهم : ألم تعطوا هذا الرجل عهودكم ومواثيقكم بالله لا تعصونه شيئا وقد صدقكم في أول حديثه فو الله ليصدقكم في آخره ؟
قال : فراح فيمن اتبعه وتخلف بقيتهم فنزل بهم عدو فأصبحوا ما بين أسير وقتيل
27- عن وهب بن منبه قال : قال عيسى : بحق أقول لكم كما ينظر المريض إلى طيب الطعام فلا يلتذ به من شدة الوجع كذلك صاحب الدنيا لا يلتذ العبادة ولا يجد حلاوتها مع ما يجد من حب الدنيا وبحق أقول لكم إن الدابة إذا لم تركب وتمتهن تصعبت وتغير خلقها كذلك القلوب إذا لم ترقق بذكر الموت وتنصبها دأب العبادة تقسو وتغلظ بحق أقول لكم إن الزق ما لم ينخرق أو يقحل فسوف يكون وعاء للعسل وكذلك القلوب ما لم تحرقها الشهوات أو يدنسها الطمع أو يقسيها النعيم فسوف تكون أوعية للحكمة
28- عن سفيان وقال : بلغنا أن لقمان قال لابنه : يا بني إن الدنيا بحر عميق يغرق فيه ناس كثير فلتكن سفينتك فيها تقوى الله وحشوها الإيمان بالله وشراعها التوكل على الله لعلك تنجو وما أراك بناج
29- عبد الله بن المبارك عن رباح بن زيد عن عبد العزيز بن جوران عن وهب بن منبه قال : مثل الدنيا والآخرة كمثل رجل له ضرتان إن أرضى إحداهما أسخط الأخرى
30- عن سيار أبي الحكم قال : الدنيا والآخرة يجتمعان في قلب العبد فأيهما غلب كان الآخر تبعا له
31- حدثني أحمد بن أبي الحواري قال : سمعت أبا سليمان قال :
إذا كانت الآخرة في القلب جاءت الدنيا تزحمها وإذا كانت الدنيا في القلب لم تزحمها الآخرة لأن الآخرة كريمة والدنيا لئيمة
32- حدثنا هارون بن عبد الله أخبرنا جعفر قال : سمعت مالك بن دينار يقول : بقدر ما تحزن للدنيا فكذلك يخرج هم الآخرة من قلبك وبقدر ما تحزن للآخرة فكذلك يخرج هم الدنيا من قلبك
33- حدثنا محمد بن علي بن شقيق أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن الأشعث قال : سمعت الفضيل بن عياض قال : قال ابن عباس :
يؤتى بالدنيا يوم القيامة في صورة عجوز شمطاء زرقاء أنيابها بادية مشوهة خلقها فتشرف على الخلائق فيقال : أتعرفون هذه ؟ فيقولون : نعوذ بالله من معرفة هذه فقال : هذه الدنيا التي تناحرتم عليها بها تقاطعتم الأرحام وبها تحاسدتم وتباغضتم واغتررتم ثم تقذف في جهنم فتنادي أي رب أين أتباعي وأشياعي ؟ فيقول الله عز و جل : ألحقوا بها أتباعها وأشياعها
34- وحدثنا محمد بن علي أخبرنا إبراهيم بن الأشعث قال : سمعت الفضيل قال : بلغني أن رجلا عرج بروحه قال : فإذا بامرأة على قارعة الطريق عليها من كل زينة الحلي والثياب وإذا هي لا يمر بها أحد إلا جرحته وإذا هي أدبرت كانت أحسن شيء رآه الناس وإذا أقبلت كانت أقبح شيء رآه الناس عجوز شمطاء زرقاء عمشاء قال : فقلت : أعوذ بالله منك قالت : لا والله لا يعيذك الله حتى تبغض الدرهم قلت : من أنت ؟ قالت : أما تعرفني ؟ قلت : لا قالت : أنا الدنيا

35- حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي أخبرنا ثابت بن يزيد أخبرنا هلال بن خباب عن عكرمة عن ابن عباس قال : دخل عمر بن الخطاب على النبي صلى الله عليه و سلم وهو على حصير قد أثر في جنبه فقال يا رسول الله لو اتخذت فراشا أوثر من هذا ؟ فقال : ما لي وللدنيا وما للدنيا وما لي والذي نفسي بيده ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار ثم راح وتركها

36- حدثنا عيسى بن عبد الله التميمي ، أخبرني فهير بن زياد ألأسدي ، عن موسى بن وردان ، عن الكلبي ، وليس بصاحب التفسير ، عن الحسن ، عن أنس بن مالك ، قال : « كان رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يكنى أبا معلق ، وكان تاجرا يتجر بماله ولغيره يضرب به في الآفاق وكان يزن بسداد وورع فخرج مرة فلقيه لص مقنع في السلاح فقال له : ضع ما معك فإني قاتلك قال : ما تريد إلى دمي ؟ شأنك بالمال فقال : أما المال فلي ولست أريد إلا دمك قال : أما إذا أبيت (1) فذرني أصلي أربع ركعات قال : صل ما بدا لك قال : فتوضأ ثم صلى أربع ركعات فكان من دعائه في آخر سجدة أن قال : يا ودود ، يا ذا العرش المجيد ، يا فعال لما يريد ، أسألك بعزك الذي لا يرام وملكك الذي لا يضام وبنورك الذي ملأ أركان عرشك أن تكفيني شر هذا اللص ، يا مغيث ، أغثني ، يا مغيث ، أغثني ، ثلاث مرارا قال : دعا بها ثلاث مرات فإذا هو بفارس قد أقبل بيده حربة (2) واضعها بين أذني فرسه فلما بصر به اللص أقبل نحوه فطعنه فقتله ثم أقبل إليه فقال : قم قال : من أنت بأبي أنت وأمي ؟ فقد أغاثني الله بك اليوم قال : أنا ملك من أهل السماء الرابعة دعوت بدعائك الأول فسمعت لأبواب السماء قعقعة ثم دعوت بدعائك الثاني فسمعت لأهل السماء ضجة ثم دعوت بدعائك الثالث فقيل لي : دعاء مكروب فسألت الله تعالى أن يوليني قتله » قال أنس : فاعلم أنه من توضأ وصلى أربع ركعات ودعا بهذا الدعاء استجيب له مكروبا كان أو غير مكروب
{أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ }النمل62
عبادة ما تشركون بالله خير أم الذي يجيب المكروب إذا دعاه, ويكشف السوء النازل به, ويجعلكم خلفاء لمن سبقكم في الأرض؟ أمعبود مع الله ينعم عليكم هذه النعم؟ قليلا ما تذكرون وتعتبرون, فلذلك أشركتم بالله غيره في عبادته.
قلت :
أنظروا إلى حكمة هذا ارجل حينما داهمه الخطر إلى من لجاء ويف تصرف وهو لاحول له ولاطول أمام هذا اطاغية الجبار المتكل على قوته وجبروته الغافل عن الله وقدرته وجبروته اذي يقول للشيء كن فيكون . هذا العابد الواثق من رب اعالمين دعا بهذه الدعوات التي ألهمه الله إياها فما ذكنت النتيجة كانت النتيجة كما ورد في سياق القصة أن أهلك الله ذلك الطاغية على يدذلك الملك المرسل من رب العالمين وأجاب دعائه في حال الظرورة .
ذات يوم كان الرسول صلى الله عليه وسلم يركب بغلته, ويُردف خلفه ابن عمهعبد الله بن عباس, وكان ابن عباس صبياً صغيراً لا يجاوز عشر سنوات.فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم:يا غلام. إني أعلمك كلمات, احفظ الله يحفظك, احفظ الله تجده تجاهك,إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله,واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء, لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك,ولو اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك. رفعت الأقلام وجفت الصحف. يامغيث أغثنا يامغيث أغثنا يامغيث أغثنا ..،،،

السبت، ١٤ يونيو ٢٠٠٨

قصة عيسى بن مريم عليه السلام مع اليهودي


قصة سيدنا عيسى عليه السلام واليهودي يروى أن عيسى بن مريم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام كان بصحبته رجل من اليهود وكان معهما(مع اليهودي) ثلاثة أرغفة من الخبز،ولما أرادا أن يتناولا طعامهما وجد عيسى أنهما رغيفان فقط ،فسأل اليهودي: أين الرغيف الثالث ، فأجاب : والله ما كانا إلا اثنين فقط.شوفوا الحماقة والوقاحة،أنه يكذب على رسول الله!!!!,وهو يعلم أنه كاذب ، المهم لم يعلق نبي الله وسارا معاً حتى أتيا رجلاً أعمى فوضع عيسى عليه السلام يده على عينيه ودعا الله له فشفاه الله عز وجل ورد عليه بصرَه , فقال اليهودي متعجباً: سبحان الله !وهنا سأل عيسى صاحبه اليهودي مرة أخرى:بحق من شافا هذا الأعمى ورد عليه بصره أين الرغيف الثالث، فرد: والله ما كانا إلا اثنين.سارا ولم يعلق سيدنا عيسى على الموضوع حتى أتيا نهرا كبيرا،فقال اليهودي : كيف سنعبر؟ فقال له النبي: قل باسم الله واتبعني ،فسارا على الماء ، فقال اليهودي متعجبا: سبحان الله!وهنا سأل عيسى صاحبه اليهودي مرة ثالثة :بحق من سيرنا على الماء أين الرغيف الثالث؟ فأجاب : والله ما كانا إلا اثنين.لم يعلق سيدنا عيسى وعندما وصلا الضفة الأخرى جمع عليه السلام ثلاثة أكوام من التراب ثم دعا الله أن يحولها ذهباً ،فتحولت إلى ذهب، فقال اليهودي متعجبا: سبحان الله لمن هذه الأكوام من الذهب؟؟!فقال عليه السلام: الأول لك، والثاني لي ، وسكت قليلا ، فقال اليهودي: والثالث؟؟فقال عليه السلام: الثالث لمن أكل الرغيف الثالث! ، فرد بسرعة: أنا الذي أكلته!!!! فقال سيدنا عيسى : هي كلها لك ، ومضى تاركاً اليهودي غارقاً في لذة حب المال والدنيا. بعد أن جلس اليهودي منهمكا بالذهب لم يلبث إلا قليلا حتى جاءه ثلاثةُ فرسان ،فلما رأوا الذهب ترجلوا ، وقاموا بقتله شر قتلة مسكين!!!!مات ولم يستمتع به إلا قليلا! بل دقائق معدودة!!!سبحانك يا رب!! ما أحكمك وما أعدلك!!بعد أن حصل كل واحد منهم على كومة من الذهب بدأ الشيطان يلعب برؤوسهم جميعا ، فدنا أحدهم من أحد صاحبيه قائلا له: لم لا نأخذ أنا وأنت الأكوام الثلاثة ونزيد نصف كومة إضافية بدلا من توزيعها على ثلاثة، فقال له صاحبه: فكرة رائعة!!!فنادوا الثالث وقالوا له : ممكن تشتري لنا طعاما لنتغذى قبل أن ننطلق؟؟فوافق هذا الثالث ومضى لشراء الطعام؟وفي الطريق حدثته نفسه فقالت له:لم لا تتخلص منهما وتظفر بالمال كله وحدك؟؟؟؟؟؟ إنها حقا فكرة ممتازة!!!فقام صاحبُنا بوضع السم في الطعام ليحصل على المال كله !!!وهو لا يعلم كيد صاحبيه له!!! ،وعندما رجع استقبلاه بطعنات في جسده حتى مات،ثم أكلا الطعام المسموم فما لبثا أن لحقا بصاحبيهما وماتا وماتوا جميعاً.وعندما رجع نبي الله عيسى عليه السلام وجد أربعة جثث ملقاة على الأرض ووجد الذهب وحده ، فقال: هكذا تفعل الدنيا بأهلها فاعبروها ولا تعمروها :
( قلت )
{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ )
عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه جعل الله له من المعجزات أنه كان يكلم الناس في المهد وذب عن أمه تهمة الزنا وهو وليدا واقنع من كان يحاور أمة ويوبخا ويذكرها من أنها من عائلة كريمة وأن أباها وأمها طاهرين وذكراها بأخيها هارون كما قص علينا ربنا في القرآن بقوله تعالى :{يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً مريم28 كما انعم عليه سبحانه وتعلى بتأييده بروح القدس بتكليم الناس وهو في المهد وكهلا وعلمه الحكمة والتوراة وإلا نجيل وعلمه كيف يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله و يبرئ الأكمه والأبرص ويحي الموتى وينبئهم بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم كما قال تعالى :: {وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }آل عمران49ثم يأتي هذا اليهودي يكذب بوقاحة على نبي الله ويجحد أكله للرغيف الثالث رغم إنه يعلم أنه يكذب و هذه المعجزات العظيمة التي أوتيها نبي الله عيسى ولكنه حب الشيء يعمي ويصم واليهود مشهورون بحب جمع المال لا يهم من أين وكيف أتى ، ثم يسير نبي الله عيسى واليهودي يتبعه حتى أتيا لقيا رجل أعمى فوضع عيسى عليه السلام يده على عيني الأعمى ودعا الله له فشفاه الله عز وجل ورد عليه بصره فقال اليهودي متعجبا : سبحان الله ! فيسأله عيسى ويذكره بحق من شفا هذا الأعمى ورد عليه بصره أين الرغيف الثالث ، فير اليهودي : والله ما كانا إلا اثنين .. ثم تتوالى المعجزات أمام اليهودي من نبي الله عيسى وفي كل مرة يذكره ويناشده بحق من عمل كذا وكذا أين الرغيف الثالث وفي كل مرة يقسم اليهودي أنهما لم يكونا إلا رغيفين فقط ، ثم يأتيه الامتحان الأصعب . والذي تسيل له لعابة اليهودي ألا إنها الذهب وما أدراك الذهب . فيجعل نبي الله عيسى ثلاثة أكوام من التراب ويدعو الله أن يجعلها ذهبا فكانت كذلك . فيقول اليهودي سبحان الله لمن هذه الأكوام الثلاثة من الذهب ؟فيرد عليه عيسى عليه السلام الأول لك والثاني لي فسكت قليلا فقال اليهودي : والثالث ؟؟ فقال عليه السلام الثالث لمن أكل الرغيف الثالث . فرد اليهودي بسرعة أنا الذي أكلته ثم يفاجئه عيسى عليه السلام بقوله : هي كلها لك ، ومضى عليه السلام. تاركا المال لليهودي وهو غارقا في لذة حب جمع المال والدنيا بعد أن جلس اليهودي بين أكوم الذهب ينقض عليه ثلاثة فرسان وقتلوه ولم يتمتع بالذهب وكان سبب ذهاب روحه أما الفرسان الثلاثة فقد تقاسموا الذهب وأخذ كل واحد منهم كوم . فتناجى اثنان منهما وقلا لبعضهما لماذا لا نأخذ أنا وأنت الأكوام الثلاثة ويزيد نصيب كل واحد منا النصف ؟ فقال الآخر فكرة رائعة , فنادوا رفيقهم الثالث وقالوا له : هل لك أن تشتري لنا طعاما لنتغذى به قبل أن ننطلق ؟ فوافق الثالث ومضى لشراء الطعام وفي الطريق راودته فكرة فقال لم لا تتخلص منهما ويصبح المال كله لك ؟؟ فقام ووضع في طعامهما سما زعافا . وهو لا يعلم كيد صاحبيه له ..وعندما عاد ابتدراه بطعنات قضت عليه .. ثم أكلا الطعام المسموم . فما لبثا أن لحقا بصاحبيهما وماتوا جميعا وبقي الذهب ، وعندما رجع نبي الله عيسى عليه السلام ووجد الأربعة صرعى حول المال ..
قال مقولته المشهورة هكذا تفعل الدنيا بأهلها فاعبروها ولا تعمروها ,,

الأربعاء، ١٤ مايو ٢٠٠٨

أدب الحـــوار

الحوار ينقسم إلى قسمين
القسم الأول
{ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125
دعُ -أيها الرسول- أنت ومَنِ اتبعك إلى دين ربك وطريقه المستقيم, بالطريقة الحكيمة التي أوحاها الله إليك في الكتاب والسنة, وخاطِب الناس بالأسلوب المناسب لهم, وانصح لهم نصحًا حسنًا, يرغبهم في الخير, وينفرهم من الشر, وجادلهم بأحسن طرق المجادلة من الرفق واللين. فما عليك إلا البلاغ, وقد بلَّغْتَ, أما هدايتهم فعلى الله وحده, فهو أعلم بمن ضلَّ عن سبيله, وهو أعلم بالمهتدين. التفسير اليسر:
قال الله تعالى : { مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً }الكهف17
من يوفقه الله للاهتداء بآياته فهو الموفَّق إلى الحق، ومن لم يوفقه لذلك فلن تجد له معينًا يرشده لإصابة الحق؛ لأن التوفيق والخِذْلان بيد الله وحده. ((التفسير الميسر)):حوارك مع أخيك المسلم في اختلاف في وجهات النظر فإن كانت وجهات النظر في اختلاف في قضية محلولة بنص من كتاب أو سنة فهذه لا تحتاج إلى حوار وإنما إقناع وتذكير وملم يقتنع بذلك فهو متزمت ويجب الإعراض عنه باعتباره يريد تطويع الإسلام لأهوائه وآرائه ويحاول جاهدا أن يقنع الناس بوجهة نظره حتى ولو كانت مجانبة للحق فمثلا تعاطي الربا وشرب الدخان وحلق اللحية و تربية الشارب وتطويل الثياب .إذا دخت مع أصحابها في نقاش لايمكن أن تخرج بنتيجة مرضية لأنك تدعوهم إلى أمور نص عليها دليل ولا مكان للنقاش في هذا بدليل قوله تعالى : {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً }الأحزاب36 ومن أصدق من الله حديثا .وإليكم أسلوب رسولنا صلى الله عليه وسلم في فن الحوار عن أبي أمامه أن فتى شابا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا (مه، مه) فقال: ادن، فدنا منه قريبا.قال: فجلس.قال: أتحبه لأمك ؟قال: لا والله، جعلني الله فداءك.قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم.قال: أتحبه لأختك ؟قال: لا والله جعلني الله فداءك.قال: والناس لا يحبونه لأخواتهم.قال: أتحبه لعمتك؟قال: لا والله ، جعلني الله فداءك.قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم.قال: أتحبه لخالتك؟قال: لا والله، جعلني الله فداءك.قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم.قال: فوضع يده عليه وقال: "اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وأحصن فرجه".فلم يكن من الفتى بعد ذلك يلتفت إلى شيء. رواه أحمد هكذا يكون الحوار الهادف المنبعث من مشفق رؤف رحيم إقناع بتصوير لأحداث الأقارب لو كانوا في نفس الموقف هذا هو النقاش الهادف البناء الذي يجب أن نجعله نبراسا لنا لنحذو حذوه من يوفقه الله للاهتداء بآياته فهو الموفَّق إلى الحق، ومن لم يوفقه لذلك فلن تجد له معينًا يرشده لإصابة الحق؛ لأن التوفيق والخِذْلان بيد الله وحده{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً }الأحزاب21
وهذا أبو بكر الصد يق رضي الله عنه يقول لا صحاب رسول اله صلى الله عليه وسلم : قولته الشهيرة : يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول:قال رسول الله، وتقولون:قال أبو بكر وعمر.
القسم الثاني
الحوار مع غير المسلمين وهذا يحتاج إلى شخص متضلع في علوم الفلسفة وطرح الأفكار المقنعة والمقاربة لقلب التلقي بحيث يأتيه بالحجج الكونية بالترغيب في الجنة وما اعد الله لمن آمن بدين الإسلام ونبي الإسلام باعتباره الدين الخاتم وأنه لاطؤيق إلى رضوان الله إلا بأتباع النبي الخاتم للرسالات السماوية ، والترهيب من مخالفته وأنه يترتب على ذلك العذاب المخلد لصاحبه في النار أعاذنا الله منها وفي الحديث: (والذي نفسي بيده لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار). فمن لا يؤمن بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم فهو في النار ولا يقبل الله منه ديناً غير، قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏" ‏ كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قالوا يا رسول الله ومن يأبى قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى " فتح الباري بشرح صحيح البخاري إذن فالنقاش والمحاورة البناة مع غير المسلمين والذين نتلمس فيهم تقارب في تقبل ما يطرح عليهم هولاء يجب على الدعية التقرب منهم شيئا فشيئا وتقديم لهدايا لهم والتودد إليهم وإبداء الشفقة عليهم ومنحهم شي من المال ويعتبرون من المؤلفة قلوبهم قال الله تعالى{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }التوبة60 تعطى هذه الصدقة لهذه الأصناف الثمانية : وللذين تؤلِّفون قلوبهم بها ممن يُرْجَى إسلامه أو قوة إيمانه أو نفعه للمسلمين, أو تدفعون بها شرَّ أحد عن المسلمين,التفسير الميسر: ولقد خطت الجمعيات التعاونية لدعوة وتوعية الجاليات في هداية الجاليات خطوات تشكر عليها وقد دخل في دين الاسلآم خلق كثير بفضل الله ثم بجهود المخلصين في هذه الجمعيات {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }التوبة105 فجزآهم الله خيرا وبارك في جهودهم قال صلى الله عليه وسلم (لئن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خيرٌ لك من حمر النعم)( صحيح البخاري ويا ترى وما عسى أن تكون حمر النعم هذه إنها مزايين الإبل ذات اللون الأحمر التي يسعى كل ذي مال لاقتنائها والتفاخر بامتلاكها ثم لابد من إيضاح الطريق للمسلم وغير المسلم إن أمامنا طريقين في الآخرة ولا ثالث لهما طريق تؤدي إلى لجنة وطريق تؤدي إلى النار وبئس المصير نسأل الله الكريم رب العرش الكريم بان يرحمنا ويتداركنا بلطفه كرمه .. وصلى الله على نبينا محمد على آله وصحبه وسلم ،،،

الاثنين، ١٢ مايو ٢٠٠٨

الا ادلكم على شي إذا فعلتموه تحاببتم

(( ألا أدلكم على شي إذا فعلتموه تحاببتم ))
قَالَ الله تَعَالَى : { يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أهْلِهَا } [ النور : 27 ] ، وقال تَعَالَى : { فَإذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً } [ النور : 61 ] ، وقال تَعَالَى : { وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا } [ النساء : 86 ] ، وقال تَعَالَى : { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إبْرَاهِيمَ الْمُكرَمِينَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ } [ الذاريات : 24-25 ] .
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : أنَّ رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أيُّ الإسْلاَمِ خَيْرٌ ؟ قَالَ : (( تُطْعِمُ الطَّعَامَ ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( لَمَّا خَلَقَ اللهُ آدَمَ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولئِكَ - نَفَرٍ مِنَ المَلاَئِكَةِ جُلُوس - فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ ؛ فَإنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيتِكَ . فَقَالَ : السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ، فقالوا : السَّلاَمُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ ، فَزَادُوهُ : وَرَحْمَةُ اللهِ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن أَبي عُمَارة البراءِ بن عازِبٍ رضي الله عنهما ، قَالَ : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بِسَبْعٍ : بِعِيَادَةِ المَرِيضِ ، وَاتِّبَاعِ الجَنَائِزِ ، وَتَشْمِيتِ العَاطِسِ ، وَنَصْرِ الضَّعيفِ ، وَعَوْنِ المَظْلُومِ ، وَإفْشَاءِ السَّلاَمِ ، وَإبْرَارِ المُقسِمِ . متفقٌ عَلَيْهِ ، هَذَا لفظ إحدى روايات البخاري .
وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - ، قَالَ : قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لاَ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ حَتَّى تُؤمِنُوا ، وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا ، أوَلاَ أدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ ؟ أفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ )) رواه مسلم .
__________
وعن أَبي يوسف عبد الله بن سلام - رضي الله عنه -، قَالَ : سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول : (( يَا أيُّهَا النَّاسُ ، أفْشُوا السَّلاَمَ ، وَأطْعِمُوا الطَّعَامَ ، وَصِلُوا الأرْحَامَ ، وَصَلُّوا والنَّاسُ نِيَامٌ ، تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلاَم )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) .
- وعن الطُّفَيْل بن أُبَيِّ بن كعبٍ : أنَّه كَانَ يأتي عبد الله بن عمر ، فيغدو مَعَهُ إِلَى السُّوقِ ، قَالَ : فإذَا غَدَوْنَا إِلَى السُّوقِ ، لَمْ يَمُرَّ عَبدُ الله عَلَى سَقَّاطٍ وَلاَ صَاحِبِ بَيْعَةٍ ، وَلاَ مِسْكِينٍ ، وَلاَ أحَدٍ إِلاَّ سَلَّمَ عَلَيْهِ ، قَالَ الطُّفَيْلُ : فَجِئْتُ عبد الله بنَ عُمَرَ يَوْماً، فَاسْتَتْبَعَنِي إِلَى السُّوقِ ، فَقُلْتُ لَهُ : مَا تَصْنَعُ بالسُّوقِ ، وَأنْتَ لا تَقِفُ عَلَى البَيْعِ ، وَلاَ تَسْأَلُ عَنِ السِّلَعِ ، وَلاَ تَسُومُ بِهَا ، وَلاَ تَجْلِسُ في مَجَالِسِ السُّوقِ ؟ وَأقُولُ : اجْلِسْ بِنَا هاهُنَا نَتَحَدَّث ، فَقَالَ : يَا أَبَا بَطْنٍ - وَكَانَ الطفَيْلُ ذَا بَطْنٍ - إنَّمَا نَغْدُو مِنْ أجْلِ السَّلاَمِ ، فنُسَلِّمُ عَلَى مَنْ لَقيْنَاهُ . رواه مالك في المُوطَّأ بإسنادٍ صحيح .
حَبُّ أنْ يَقُولَ المُبْتَدِئُ بالسَّلاَمِ : السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ . فَيَأتِ بِضَميرِ الجَمْعِ ، وَإنْ كَانَ المُسَلَّمُ عَلَيْهِ وَاحِداً ، وَيقُولُ المُجيبُ : وَعَلَيْكُمْ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ ، فَيَأتِي بِوَاوِ العَطْفِ في قَوْله : وَعَلَيْكُمْ .
- عن عِمْرَان بن الحصين رضي الله عنهما ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، فَقَالَ : السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ، فَرَدَّ عَلَيْهِ ثُمَّ جَلَسَ ، فَقَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - : (( عَشْرٌ )) ثُمَّ جَاءَ آخَرُ ، فَقَالَ : السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ ، فَرَدَّ عَلَيْهِ فَجَلَسَ ، فَقَالَ : (( عِشْرُونَ )) ثُمَّ جَاءَ آخَرُ ، فَقَالَ : السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الله وَبَركَاتُهُ ، فَرَدَّ عَلَيْهِ فَجَلَسَ ، فَقَالَ : (( ثَلاثُونَ )) رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
وعن عائشةَ رضي الله عنها ، قالت : قَالَ لي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : (( هَذَا جِبريلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلاَمَ )) قالت : قُلْتُ : وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ . متفقٌ عَلَيْهِ .
وهكذا وقع في بعض رواياتِ الصحيحين : (( وَبَرَكاتُهُ )) وفي بعضها بحذفِها ، وزِيادةُ الثقةِ مقبولة((3)) .
- وعن أنسٍ - رضي الله عنه - : أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا تكلم بِكَلِمَةٍ أعَادَهَا ثَلاثَاً حَتَّى تُفهَمَ عَنْهُ ، وَإِذَا أتَى عَلَى قَوْمٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ سلم عَلَيْهِمْ ثَلاَثاً . رواه البخاري .
وهذا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا كَانَ الجَمْعُ كَثِيراً .
(2)- وعن المِقْدَادِ - رضي الله عنه - في حدِيثهِ الطويل ، قَالَ : كُنَّا نَرْفَعُ للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - نَصِيبَهُ مِنَ اللَّبَنِ ، فَيَجِيءُ مِنَ اللَّيْلِ ، فَيُسَلِّمُ تَسْلِيماً لاَ يُوقِظُ نَائِماً ، وَيُسْمِعُ اليَقْظَانَ ، فَجَاءَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمَ كَمَا كَانَ يُسَلِّمُ . رواه مسلم .
وعن أسماء بنتِ يزيد رضي الله عنها : أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ في المَسْجدِ يَوْماً ، وَعُصْبَةٌ مِنَ النِّسَاءِ قُعُودٌ ، فَألْوَى بِيَدِهِ بالتسْلِيمِ . رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
وهذا محمول عَلَى أنَّه - صلى الله عليه وسلم - ، جَمَعَ بَيْنَ اللَّفْظِ وَالإشَارَةِ ، وَيُؤَيِّدُهُ أنَّ في رِوَايةِ أَبي داود : فَسَلَّمَ عَلَيْنَا .
وعن أَبي أُمَامَة - رضي الله عنه - ، قَالَ : قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إنَّ أوْلى النَّاسِ باللهِ مَنْ بَدَأَهُمْ بالسَّلاَمِ )) رواه أَبُو داود بإسنادٍ جيدٍ ، ورواه الترمذي بنحوه وقال : (( حديثٌ حسن )) . وَقَدْ ذُكر بعده.
- وعن أَبي جُرَيٍّ الهُجَيْمِيِّ - رضي الله عنه - ، قَالَ : أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقلتُ : عَلَيْكَ السَّلامُ يَا رسول الله . قَالَ : (( لاَ تَقُلْ عَلَيْكَ السَّلامُ ؛ فإنَّ عَلَيْكَ السَّلاَمُ تَحِيَّةُ المَوتَى )) رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) ، وَقَدْ سبق بِطُولِهِ .
(2)- عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - : أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى المَاشِي ، وَالمَاشِي عَلَى القَاعِدِ ، وَالقَليلُ عَلَى الكَثِيرِ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وفي رواية للبخاري : (( والصغيرُ عَلَى الكَبيرِ )) .
وعن أَبي أُمَامَة صُدَيِّ بن عجلان الباهِلي - رضي الله عنه - ، قَالَ : قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إنَّ أَوْلى النَّاسِ بِاللهِ مَنْ بَدَأهُمْ بِالسَّلامِ )) رواه أَبُو داود بإسنادٍ جيدٍ .
ورواه الترمذي عن أَبي أُمَامَةَ - رضي الله عنه - ، قِيلَ : يَا رسول الله ، الرَّجُلانِ يَلْتَقِيَانِ أَيُّهُمَا يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ ؟ ، قَالَ : (( أَوْلاَهُمَا بِاللهِ تَعَالَى )) قَالَ الترمذي : (( هَذَا حديث حسن )) .
عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - في حديثِ المسِيءِ صلاته : أنّه جَاءَ فَصَلَّى ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ ، فَقَالَ : (( ارْجِعْ فَصَلِّ فَإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ )) فَرَجَعَ فَصَلَّى ، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ . متفقٌ عَلَيْهِ .
وعنه ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( إِذَا لَقِيَ أَحَدُكُمْ أخَاهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ ، فَإنْ حَالَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ ، أَوْ جِدَارٌ ، أَوْ حَجَرٌ ، ثُمَّ لَقِيَهُ ، فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ )) رواه أَبُو داود .
قَالَ الله تَعَالَى : { فَإذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً } [ النور61
وعن أنسٍ - رضي الله عنه - ، قَالَ : قَالَ لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( يَا بُنَيَّ ، إِذَا دَخَلْتَ عَلَى أهْلِكَ ، فَسَلِّمْ ، يَكُنْ بَرَكَةً عَلَيْكَ ، وعلى أهْلِ بَيْتِكَ )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) .
عن أنس - رضي الله عنه - : أنَّهُ مَرَّ عَلَى صِبْيَانٍ ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ، وقال : كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُهُ . متفقٌ عَلَيْهِ .
عن سهل بن سعدٍ - رضي الله عنه - ، قال : كَانَتْ فِينَا امْرَأةٌ - وفي رواية : كَانَتْ لَنَا عَجُوزٌ - تَأخُذُ مِنْ أصُولِ السِّلْقِ فَتَطْرَحُهُ فِي القِدْرِ ، وَتُكَرْكِرُ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ ، فَإذَا صَلَّيْنَا الْجُمُعَةَ ، وَانْصَرَفْنَا ، نُسَلِّمُ عَلَيْهَا ، فَتُقَدِّمُهُ إلَيْنَا . رواه البخاري . قَوْله : (( تُكَرْكِرُ )) أيْ : تَطْحَنُ
وعن أُم هَانِىءٍ فاخِتَةَ بنتِ أَبي طالب رضي الله عنها ، قالت : أتيت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الفَتْحِ وَهُوَ يَغْتَسِلُ ، وَفَاطِمَةُ تَسْتُرُهُ بِثَوْبٍ ، فَسَلَّمْتُ ... وَذَكَرَتِ الحديث . رواه مسلم .
وعن أسماءَ بنتِ يزيدَ رضي الله عنها ، قالت : مَرّ عَلَيْنَا النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي نِسوَةٍ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا . رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) ، وهذا لفظ أَبي داود .
ولفظ الترمذي : أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ في المَسْجِدِ يَوْماً ، وَعُصْبَةٌ مِنَ النِّسَاءِ قُعُودٌ ، فَأَلْوَى بِيَدِهِ بالتَّسْلِيمِ .
(4)- وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - : أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( لاَ تَبْدَأُوا اليَهُودَ وَلاَ النَّصَارَى بالسَّلامِ ، فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ في طَرِيق فَاضطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ رواه مسلم .
__________
- وعن أنسٍ - رضي الله عنه - ، قَالَ : قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أهْلُ الكِتَابِ فَقُولُوا : وَعَلَيْكُمْ )) متفقٌ عَلَيْهِ . وعن أُسَامَة - رضي الله عنه - : أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ عَلَى مَجْلِسٍ فِيهِ أخْلاَطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ وَالمُشْرِكينَ - عَبَدَة الأَوْثَانِ - واليَهُودِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِم النبيُّ- صلى الله عليه وسلم - . متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - ، قَالَ : قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إِذَا انْتَهى أَحَدُكُمْ إِلَى المَجْلِسِ فَلْيُسَلِّمْ ، فَإذَا أرَادَ أنْ يَقُومَ فَلْيُسَلِّمْ ، فَلَيْسَتِ الأُولَى بِأحَقّ مِنَ الآخِرَةِ )) رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
قَالَ الله تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا } [ النور : 27 ] ، وقال تَعَالَى : { وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُم الحُلُمَ فَلْيَسْتَأذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } [ النور : 59 ] .
عن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - ، قَالَ : قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
(( الاسْتِئْذَانُ ثَلاثٌ ، فَإنْ أُذِنَ لَكَ وَإِلاَّ فَارْجِعْ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
__________
وعن سهلِ بنِ سعدٍ - رضي الله عنه - ، قَالَ : قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إنَّمَا جُعِلَ الاسْتِئذَانُ مِنْ أجْلِ البَصَرِ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن رِبْعِيِّ بن حِرَاشٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ أنَّهُ اسْتَأذَنَ عَلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ في بيتٍ ، فَقَالَ : أألِج ؟ فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لِخَادِمِهِ : (( أُخْرُجْ إِلَى هَذَا فَعَلِّمهُ الاسْتِئذَانَ ، فَقُلْ لَهُ : قُلِ : السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ، أأدْخُل ؟ )) فَسَمِعَهُ الرَّجُلُ ، فَقَالَ : السَّلامُ عَلَيْكُمْ ، أَأَدْخُل ؟ فَأذِنَ لَهُ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فدخلَ . رواه أَبُو داود بإسناد صحيح .
عن كِلْدَةَ بن الحَنْبل - رضي الله عنه - ، قَالَ : أتَيْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَلَمْ أُسَلِّمْ ، فَقَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - : (( ارْجِعْ فَقُلْ : السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ، أَأَدْخُل ؟ )) رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
الآية الأولى والثانية تحضان على إلقاء السلام قبل دخول البيت لإنها عبارة عن استئذان ، الآية الثالثة تحض المسلم على رد السلام بأفضل منه أو على الأقل رده كما ألقي ، الآية الرابعة تدل على إن السلام كان موجودا ومتعارف عليه كما جاء ذلك على لسان أبو الأنبياء . إبراهيم عليه السلام ،
تألف القلوب وتقارب الأرواح تكون في إطعام الطعام وإفشاء السلام مع بسط وبشاشة الوجه وإشعار الضيف المحبة والود والقرب منه ومحادثته وعدم الانصراف عنه إلا بينما يتم تأمين متطلبات الضيافة ،
هناء تعليم الجاهل طريقة إلقاء السلام وكذا رده على من ألقاه والأمر بتعليم من لا يعرف طريقة إلقاء السلام والاستئذان وبالجملة فإن السلام ضد الحرب وملقي السلام يدلك على الأمان والطمأنينة والمحبة ومن يبخل بالسلام يشعرك بالجفاء والبعد عن تعاليم الإسلام والجفاء ، وفي الحديث ملم يبدأكم بالسلام فلا تجيبوه .. لذلك ترى كثير من الناس يدخل عليك المسجد فلا يلقي عليك سلاما ولا حجة له في ذلك وإذا ناقشت أحدهم يرد عليك انه في المسجد ولعلك تقرا قرآنا ولا ينبغي مقاطعتك وأعذار واهية لأساس لها بينما وكما تقدم في حديث المسيء صلاته عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أنه كان كلما صلى وعاد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يسلم عليه من جديد : ومن الناس من يجاملك يلقي إليك سلاما لأتفهم منه سوى حرف السين والألف فقط وهذا ينطوي تحت مظلة هذه الآية الكريمة : {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاؤُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ }المجادلة8 أي حيوك بغير التحية التي جعلها الله لك تحية وإن كانت هذه نزلت في حق اليهود الذين كانوا يسلمون على النبي صلى الله وسلم بقولهم :( سام عليكم ) أي الموت : فنحن المسلمون لا نقصد ما قصده أولئك ولكن اختصارا يقول احدنا سلاما مختصرا ولا يظهر منه سوى ألاف والسين فقط وهذا السلام لايعطي النتيجة المتوخاة من السلام فلإسلام أقل من ( السلام عليكم ) السلام يلقى على من نعرف ومن لا نعرف وعلى الصبيان وعلى النساء ويسلم القليل على الكثير والقائم على القاعد والراكب على الماشي ، وإذا وفد جماعة على جماعة أخرى يجزي أحدهم إلقاء السلام نيابة عن جماعته ويجزي الجماعة ألا خري أن يرد احدهم نيابة عن جماعته ، ويسلم الصغير على الكبير، وخير هولاء جميعا الذي يبدأ بالسلام ، وإن أولى الناس بالله الذي يبدءا بالسلام ، وإذا دخل احدنا بيته يبدءا بالسلام ، كما ينبغي للمسلم إذا مر على قوم فيهم المسلم وغير المسلم فإنه يسلم عليهم ، وإذا سلم عليك كتابيا ترد عليه بقولك ( وعليكم ) وإذا سلم على نساء لوى يده إشارة بالسلام وللبعيد الذي لا يصله الصوت ، أن يكون اللفظ بصوت مسموع، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا سلمت فأسمع، فإنها تحية من عند الله. الإقبال على المسلَّم عليه بوجه باش طلق، يذوب رقة وخلقا ويا حبذا لو رافق هذا السلام المصافحة وشد الكف على الكف فإن هذا أفضل وأعظم بركة. من الله تعالى على الملقي والتلقي ،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن المؤمن إذا لقي المؤمن فسلّم عليه وأخذ بيده فصافحه تناثرت خطاياهما كما يتناثر ورق الشجر. وعدم القول عليك السلام فإنها تحية الموتى ، واجعل هذه التحية المباركة تفوح بأريج المحبة والألفة والوفاء. تقبل الله منا ومنكم صالح أعمالنا .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...،،،