الثلاثاء، ٢٦ مايو ٢٠٠٩

الواجب نحو المساجد

قال الله تعالى : {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ }النور36{رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ }النور37
المسجد هذا البيت الذي رفع ليذكر أسم الله فيه ويكون مكانا للتسبيح في جميع الأوقات صباحا وعشيا أمرنا بتشييدها وعمارتها بإقامة شعائر الله فيها مع الحرص على نظافتها وتطييبها وتهيئتها للمصلين وإبعاد كل ما يضايق المصلين من أطفال ومعتوهين ودواب وضوضاء وتقديم ألو العلم في الصفوف الأول وخلف الإمام لأنهم أحق بذلك من غيرهم ويكفينا ما ورد في هذا الصدد من سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم . و لكون المسجد بيت عبادة ومركزا للعلم والأدب ومركز للقيادة والتوجيه والإرشاد وملجأ للمسلمين في حل مشاكلهم ومكانا للألفة والمحبة بين المسلمين ومتنفس لشرح هموم المجتمع عندما يجتمعون لأداء الصلوات الخمس ومنه تخرج الفاتحون الأوائل على يد معلمهم العظيم محمد بن عبدا لله صلى الله عليه وسلم ومنه انطلقوا لفتح الأمصار وغيروا وجه التاريخ المظلم إلى وجه وضاء لصالح أمة الإسلام و جامعه وبرلمان وقيادة وكل ما يخص الدولة الإسلامية

عن أبي معمر، عن أبي مسعود قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مناكبنا في الصلاة ويقول: "استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، ليليني منكم أولو الأحلام والنُّهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم". قال أبو مسعود فأنتم اليوم أشد اختلافًا.
وكذا رواه مسلم وأهل السنن، إلا الترمذي، من طرق عن الأعمش، به
وإذا كان هذا أمره لهم في الصلاة أن يليه العقلاء ثم العلماء، فبطريق الأولى أن يكون ذلك في غير الصلاة.
وروى أبو داود من حديث معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرة، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أقيموا الصفوف، وحَاذُوا بين المناكب، وسُدّوا الخلل، ولِينُوا بأيدي إخوانكم، ولا تَذَروا فرجات للشيطان، ومن وَصَل صفًّا وصله الله، ومن قطع صفّا قطعه الله"
ولهذا كان أبي بن كعب -سيد القراء-إذا انتهى إلى الصف الأول انتزع منه رجلا يكون من أفناء الناس، ويدخل هو في الصف المقدم، ويحتج بهذا الحديث: "ليليني منكم أولو الأحلام والنهى
ومجاورة الإمام لا تكون لكل أحد، وإنما هي كما قال صلى الله عليه: وسلم: " ليلني منكم أولو الأحلام والنهى " الحديث.
فيما يلي الإمام ينبغي أن يكون لمن كانت هذه صفته، فإن نزلها غيره أخر وتقدم وهو إلى الموضع، لأنه حقه بأمر صاحب الشرع، كالمحراب هو موضع الإمام تقدم أو تأخر. قاله ابن العربي. . قلت: وعليه يحمل قول عمر رضي الله عنه: تأخر يا فلان، تقدم يا فلان، ثم يتقدم فيكبر.
وقد قال ابن عباس : ( كنت أعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتكبير )، وفي رواية أخرى: ( إن رفع الصوت بالتكبير عند الانتهاء من المكتوبة كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم )
وعن واثلة بن الأسقع، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "جَنِّبوا المساجد صبيانكم ومجانينكم، وشراءكم وبيعكم، وخصوماتكم ورفع أصواتكم، وإقامة حدودكم وسل سيوفكم، واتخذوا على أبوابها المطاهر، وجَمّروها في الجُمَع".
وفي الحديث الثاني: "جَنِّبوا مساجدكم صبيانكم" ، وذلك لأنهم يلعبون فيه ولا يناسبهم، وقد كان عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، إذا رأى صبيانًا يلعبون في المسجد ، ضربهم بالمِخْفَقَة -وهي الدِّرَّة -وكان يَعُسّ المسجد بعد العشاء، فلا يترك فيه أحدًا.
"ومجانينكم" يعني: لأجل ضعف عقولهم، وسَخْر الناس بهم، فيؤدي إلى اللعب فيها، ولما يخشى من تقذيرهم المسجد، ونحو ذلك.
"وبيعكم وشراءكم" كما تقدم.
"وخصوماتكم" يعني: التحاكم والحكم فيه؛ ولهذا نص كثير من العلماء على أن الحاكم لا ينتصب لفصل الأقضية في المسجد، بل يكون في موضع غيره؛ لما فيه من كثرة الحكومات والتشاجر والعياط الذي لا يناسبه؛ ولهذا قال بعده: "ورفع أصواتكم".
وقال البخاري: حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا الجُعَيْد بن عبد الرحمن قال: حدثني يزيد بن خُصَيفَة ، عن السائب بن يَزيدَ الكنْديِّ قال: كنت قائمًا في المسجد، فحصبني رجل، فنظرت فإذا عمر بن الخطاب، فقال: اذهب فأتني بهذين. فجئته بهما، فقال: من أنتما؟ أو: من أين أنتما؟ قالا من أهل الطائف. قال: لو كنتما من أهل
وقد أمر صلى الله عليه وسلم بتنظيفها وتطييبها فقال: (جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وسل سيوفكم وإقامة حدودكم ورفع أصواتكم وخصوماتكم وأجمروها في الجمع واجعلوا على أبوابها المطاهر).
أخرج ابن ماجه عن واثلة بن الأسقع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وشراءكم وبيعكم وخصوماتكم ورفع أصواتكم وإقامة حدودكم وسل سيوفكم واتخذوا على أبوابها المطاهر وجمروها في الجمع » ومنع إنشاد الضالة وإنشاد الأشعار ، فقد أخرج الطبراني . وابن السني . وابن منده عن ثوبان قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من رأيتموه ينشد شعراً في المسجد فقولوا فض الله تعالى فاك ثلاث مرات ومن رأيتموه ينشد ضالة في المسجد فقولوا : لا وجدتها ثلاث مرات » الحديث .
وينبغي أن يقيد المنع من إنشاد الشعر بما إذا كان فيه شيء مذموم كهجو المسلم . وصفة الخمر . وذكر النساء . والمردان . وغير ذلك مما هو مذموم شرعاً ، وأما إذا كان مشتملاً على مدح النبوة والإسلام أو كان مشتملاً على حكمة أو باعثاً على مكارم الأخلاق والزهد ونحو ذلك من أنواع الخير فلا بأس بإنشاده فيها ، ومنع القاء القملة فيه بعد قتلها وهو مكروه تنزيهاً على ما صرح به بعض المتأخرين ،
ويندب أن لا تلقى حية في المسجد ، فقد أخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن رجل من الأنصار قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال عمر رضي الله عنه لما بنى الرحبة : من أراد أن يلغط أو يتحدث أو ينشد شعراً فليخرج إلى هذه الرحبة ،
وقال صلى الله عليه وسلم : « جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وسلّ سيوفكم وبيعكم وشراءكم ، وابنوا على أبوابها المطاهر »
ففي حل ذلك إنباء بأن من عمل في مساجد الله بغير ما وضعت له من ذكر الله كان ساعياً في خرابها وناله الخوف في محل الأمن – انتهى .
إذا فما بال أقوام لا يأتون المسجد إلا مستصحبين أطفالهم الذين لم يبلغوا سن التكليف رغم النصوص سالفة الذكر وهم بهذا يسيئون للمسجد وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا بظنهم أنهم يعودون أبنائهم حب الذهاب والإياب للمسجد بينما ورد النص بتجنب الأطفال والمجانين المساجد لراحة وروحانية أداء هذه الشعيرة العظيمة . وصلى الله على سيد ولد آدم محمد بن عبدا لله وآله وصحبه وسلم .

ليست هناك تعليقات: