الخميس، ١٦ ديسمبر ٢٠١٠

اللحية بين العادة والعبادة ...!


اللحية بين العادة والعبادة .. ! إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. وبعد لقد دار بيني وبين أحد الأصدقاء حديث فتجذبا أطراف الحديث فقال لي صاحبي لماذا لا تأخذ من لحيتك قليلا ؟ فأجبته مستعينا بالله : رأيك يشاركك فيه الكثيرون ولقد بحثت جاهدا لأجد لي رخصة في ذلك ولما لم أجد رجعت أفكر في ذلك فعلمت أني عبد والعبد كما هو معلوم مكلف بتنفيذ أوامر سيده دون تردد ولا مناقشة وإلا يصبح آبقا . الآبق الهارب من سيده وأين المهرب يا عبد الله من رب العالمين لا ملجآ ولا منجى منه إلا إليه إذا ما قيمة العبودية التي لا تتسم بالطاعة المطلقة فهذا رسول يأتيك من لدن مولاك يقول لك (جزوا الشوارب وأرخوا اللحى ، خالفوا المجوس ) والله سبحانه وتعالى يقول : { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [ سورة النور 63 ]ثم إن حلقها يعتبر مجاهرة بالعصية ومن المجاهرة حلق اللحية والخروج بدونها والاستخفاف بأوامر الله بدون خجل من معصيته أمام الناس.قال ابن بطال رحمه الله: ( في الجهر بالمعصية استخفاف بحق الله ورسوله وبصالحي المؤمنين ، وفيه ضرب من العناد لهم ، وفي التستر بها السلامة من الاستخفاف ، لأن المعاصي تذل فاعلها ، ومن إقامة الحد عليه إن كان فيه حد ، ومن التعزيز إن لم توجب حداً ، وإذا تمحض حق الله ، فهو أكرم الأكرمين ورحمته سبقت غضبه ، فلذلك إذا ستره في الدنيا لم يفضحه في الآخرة ، والذي يجاهر يفوته جميع ذلك ) [ انظر: فتح الباري (10/487)] .قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى " قيل : ومن يأبى يا رسول الله ؟ قال : " من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى " . وقال - صلى الله عليه وسلم - : " كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ، ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول : يا فلان ، عملت البارحة كذا وكذا ، وقد بات يستره ربه ، ويصبح يكشف ستر الله عنه " صحيح الجامع قال الله تعلى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ )(33) سورة محمد جاء في تفسير هذه الآية : يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وأعملوا بشرعه أطيعوا الله وأطيعوا الرسول في أمرهما ونهيهما, ولا تبطلوا ثواب أعمالكم بالكفر والمعاصي إليك أخي الكريم أمره - صلى الله عليه وسلم - بإعفاء اللحية والأحاديث الدالة على ذلك ، والرد على بعض أقوال المتفلسفة ، والذين يحاولون دائماً أن يقللوا من شأن سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - : روى البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " خالفوا المجوس ، احفوا الشوارب وأوفوا اللحى " . وفي رواية : " أنهكوا الشوارب وأعفوا اللحى ". وفي رواية : " خالفوا المشركين ، احفوا الشوارب وأوفوا اللحى " . وفي رواية مسلم : " جزوا الشوارب وأرخوا اللحى ، خالفوا المجوس " . هذا وقد اتفق العلماء من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وغيرهم (كما سيأتي) على وجوب توفير اللحية وحرمة حلقها عملا بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله ، فكيف تطمئن نفس مسلم بمخالفة أمر الله ورسوله وهو يزعم أنه يؤمن بالله وأمره ونهيه ووعده ووعيده وثوابه وعقابه ويؤمن بالبعث بعد الموت والجزاء والحساب والجنة والنار. قال : ابن عبدا لبر في التمهيد : ويُحرم حلق اللحية ، ولا يفعله إلا المخنثون من الرجال .وقال ابن عابدين الحنفي: الأخذ من اللحية دون القبضة، كما يفعله بعض المغاربة ومخنثة الرجال لم يحبه أحد. (تنقيح الفتاوى الحامدية 1/329).وكذلك في رد المحتار 5/261 . وقال : الشيخ مقبل بن هادي الو ادعي رحمه الله تعالى في رسالة تحريم الخضاب بالسواد : الذين يتجرؤون ويحلقونها ويخالفون أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإعفائها وبتوفيرها ، ورضوا بالتشبّه بأعداء الإسلام ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: " من تشبّه بقوم فهو منهم " . رواه أحمد بسند جيد كما قال شيخ الإسلام في ( اقتضاء الصراط المستقيم ) . وفي إعفاء اللحية طاعة لله واقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومخالفة لهدي الكفار والمشركين والمجوس ، وفي حلقها معصية لله ومخالفة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشبه بالنساء الملعون فاعله وتشبه بأعداء الله من الكفرة والمشركين ، وقد نهينا عن مشابهتهم وأمرنا بمخالفتهم ، هذا وقد اتفق العلماء من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وغيرهم على وجوب توفير اللحية وحرمة حلقها عملا بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله ، فكيف تطمئن نفس مسلم بمخالفة أمر الله ورسوله وهو يزعم أنه يؤمن بالله وأمره ونهيه ووعده ووعيده وثوابه وعقابه ويؤمن بالبعث بعد الموت والجزاء والحساب والجنة والنار .. فالعجب كل العجب ممن ينتسب إلى العلم والدين كيف يخالف سنة نبيه صلى الله عليه وسلم بحلق لحيته بلا مبالاة بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم تقليدا وتبعية لأهل الأهواء أين الإسلام وأين الإيمان وأين الحياء وأين العقول وأين الخوف والرجاء وأين المحبة لله ورسوله المقتضية للطاعة والاستسلام وأين تحقيق لا إله إلا الله محمد رسول الله بالمحبة وامتثال الأوامر واجتناب النواهي أ فبعد هذه النصوص من الكتاب والسنة وقوال العارفين بالله نجعلها دبر آذاننا وكأن الأمر لا يعنينا أو نأخذ ما يوافق هوانا ومعلوم أين نهاية من يتجاهل أوامر الله ورسوله قال تعالى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً }الأحزاب36{وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً }النساء69وقال {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً }النساء80 إذا فالذي يتصرف في مظهره ويقوم بعمل ما لم يؤمر به بل إن النهي فيه واضح وصريح لم يطع الله ولا رسوله بل أطاع هواه ومعلوم مصير من يطيع هواه فإنه يهوي به في قعر جهنم . فأنقذوا أنفسكم مادام في العمر بقية حتى تفوزوا بوعد الله الذي لا يخلف الميعاد قال تعالى : {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً }النساء69 لقد كانا أطفالا نعيش في قريتنا المباركة بين أهلينا وكبارنا وكانوا يجتمعون في بعض الأماكن يتجاذبون أطراف الحديث ويقوم كل منهم بعمله ولا ترى منهم حليقا بل كانت هذا العادة مسبة وكان أحدهم إذا أراد أن يتحدى الآخر يقول له إذا لم يكن ما قلته صحيحا فأحلق لحيتي وذلك لما للحية من قدر وكرامة وكانوا يعزرون بعضهم بحلق لحيته وإركابه حمارا معكوس الوجه إلى الخلف ويتجولون به الأسواق ويقرؤون الجرنان مبينين سبب تعزيره أما اليوم فإن شبابنا يرون إن تربيتها نوع من التخلف والرجعية والغباء . فكيف بنا إذا أوقفنا بين يدي رب العالمين وكيف إذا خُتم على أفواهنا وآمرة جوارحنا بالكلام فما عذرنا في ذلك الموقف الرهيب الذي لا ينجو منه {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ }الشعراء89 والله ولي التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.